قال علماء يعملون ضمن مهمة المسبار الآلي «نيو هورايزونز» التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا» إن الصور الأولى القريبة من كوكب بلوتو القزم أوضحت جبالاً جليدية شاهقة، في ما ظهر سطح الكوكب أملس خالياً من الحفر. وهذه هي باكورة النتائج التي تمخضت عنها رحلة المسبار متوجاً رحلة قطع خلالها 4.82 بليون كيلومتر، واستغرقت تسع سنوات ونصف السنة، بعد ان أصبح في أقرب نقطة من سطح بلوتو وأقماره الخمسة وعلى مسافة 12550 كيلومتراً من الكوكب النائي الثلثاء الماضي. ويتجه المسبار الآن إلى اعماق «حزام كويبر» الذي اكتشف في العام 1992 وهو منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون، ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 بليون عام. و«حزام كويبر» آخر منطقة مجهولة على أطراف مجموعتنا الشمسية وتم اكتشاف أكثر من 40 جرماً فلكياً في نطاقه. ولا يعرف العلماء كيف كون بلوتو هذه الجبال الشاهقة التي يصل ارتفاع أطولها الى 3350 متراً أي ما يعادل ارتفاع جبال روكي في كندا. واللغز المحير الآخر هو كيف احتفظ بلوتو بهذا الوجه الشاب، إذ كان يعتقد ان هذا الجرم المتجمد (الذي يبدو حجمه أصغر من القمر الذي يدور حول الارض) حافلاً بالحفر والوهاد نتيجة لاصطدام صخور «حزام كويبر» بسطحه والكتل الصخرية الأخرى التي انهمرت عليه على مر العصور. وبدلاً من ذلك أوضح المسبار ان سطح بلوتو متجدد النشاط وهي الظاهرة التي قد تكون مرتبطة بوجود محيط تحت سطحه أو جبال بركانية جليدية او مظاهر جيولوجية أخرى تنبعث منها الحرارة. ويعتقد العلماء ان جبال بلوتو ربما تكون قد تشكلت خلال المئة مليون سنة الأخيرة، وهي فترة وجيزة اذا ما قورنت بعمر المجموعة الشمسية. وجعل الاقتراب الأول للمسبار من بلوتو (الذي غطى مساحة من سطحه تصل الى 241 كيلومترا قرب المنطقة الاستوائية ذات التضاريس) العلماء في حيرة من أمرهم، إذ يتعجبون كيف لا يزال نشطاً من الناحية الجيولوجية. وقالت الباحثة في برنامج المسبار كاثي اولكن للصحافيين في مركز المراقبة الارضية للمهمة بمختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز خارج بالتيمور، إن بلوتو شديد التنوع قد نشاهد العديد من الملامح المختلفة ... إنه أمر لا مثيل له». والمفاجأة الاخرى هي تشارون أكبر أقمار بلوتو الذي كان يعتقد انه خامل من الوجهة الجيولوجية، وبدلاً من ذلك وجد المسبار «نيو هورايزونز» على سطحه منخفضات وصخوراً وودياناً وجميعها مؤشرات على وجود عمليات نشطة داخله. ولا يزال 99 في المئة من المعلومات التي جمعها المسبار خلال اقترابه من بلوتو داخل ذاكرته ما يبرز أن المسبار الآلي «نيو هورايزونز» هو أهم مكونات هذه الرحلة التي تأتي ضمن مهام استكشاف المجموعة الشمسية التي بدأت منذ أكثر من خمسين عاماً. وفي ما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد، إلا انه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجيبة على سطحه بما في ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للطبقة البنائية للقشرة الخارجية او ما يسمى بالحركات التكتونية. ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة في مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو في دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التي يقترب بها كوكب نبتون. وكان المسبار قد خرج من حال السبات في كانون الثاني (يناير) الماضي، ليشرع في رصد مشاهداته لبلوتو الذي يقع بعد كوكب نبتون. ومنذ اكتشافه في العام 1930 لا يزال بلوتو لغزاً محيراً، ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة مع الكواكب الاخرى. ويبذل العلماء جهداً خارقاً في تفسير كيف أن كوكباً قطره لا يتجاوز 2302 كيلومتر يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشترى وزحل واورانوس ونبتون. ويعتقد العلماء أن «حزام كويبر» يحتفظ بحفريات منذ نشأة المجموعة الشمسية. ولا يحمل المسبار كماً كافياً من قوة الدفع التي تمكنه من إبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو في منطقة «حزام كويبر». وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أي مركبة فضائية ستستهلك كما كبيراً من الوقود لاستخدام مكابحها واتخاذ مدار.