لا داعي للتطرق لموضوع التغريب في بلادنا فالجميع يعلم ماهو التغريب ومن هم القائمون عليه بعد أن سُخّروا لخدمة الأجندات الخارجية تحت لواء الشيطان وبإيعاز منه قال تعالى {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا}. بيد أني رأيت أن أجتهد في بيان لفئة من الناس غلبهم الشيطان والنفس الأمارة بالسوء إما لحب المال أو المنصب أو الشهرة أو بالجمع بينها ، فقد اذعنوا السمع وقدموا الولاء والطاعة للعلمانيين والليبراليين رغم عدم اقتناعهم بالفكر الدخيل ونتائجه ، ومعرفتهم تعارض هذه الأفكار المسمومة مع الدين الإسلامي جملة وتفصيلا. في الماضي كنا نسمع عن غسيل المخ للبعض ممن طرقوا أبواب العلم في الخارج وبالفعل هم حاضرون بقوة في الساحة الأكاديمية والثقافية والفكرية ويتخذون من الإعلام مركزا لإدارة عمليات التغريب والأدلجة (الحضارية) ، والآن يتم استقطاب بعض الفئات الشبابية بحيث يتم اشراكهم في هذه العمليات وهم بذلك يحفزون البقية للمشاركة حتى مع عدم اقتناع هذه الفئات بما يقومون به لأن الأدلجة مسألة وقت وهي تحصيل حاصل وهذا ما يرمي إليه المخططون ، والسبب الأخر من إشراكهم هو رسم صورة ذهنية بأن ما يحدث هو الصحيح والدليل مشاركة الشباب الطموح جنباً إلى جنب مع النخب والمفكرين ، ومن رغب عن سنتنا فهو غير متحضر يسهل إطلاق الألقاب المقززة عليه مثل رجعي ومتشدد ومتخلف وراديكالي و... وقد تصل إلى طالباني. ومع ثورة الإعلام الجديد التي خدمت جميع الطوائف والمذاهب والحركات الفكرية والسياسية في بلدنا مع عدم وجود مقياس أو أداة لمعرفة أكثر المستفيدين منها إلا أن أهل التغريب تابعوا البحث عن أسماء وشخصيات تخدم أهدافهم القريبة والبعيدة وذلك بدعمهم المادي والمعنوي وإبرازهم في المحافل والمنتديات واللقاءات على أنهم الفئة التنويرية التي يعول عليها الوطن في التنمية والنهضة بجميع أشكالها ، حتى أن الدعم وصل لبعض الصحف الإلكترونية بالحصانة والمقابل المادي و«التقريب» شريطة تغيير النهج والسير على الإملاءات الجديدة. أقول أن ما حدث في السنوات القليلة الماضية من سيطرة فئات دخيلة (غير أصيلة) على ساحة الإعلام الرسمي ونحن الآن نشاهد تمكين أشباه المثقفين من الإعلام الجديد ، كل ذلك كان له أثر بالغ حتى أصبح (الجميع) يستطيع تفسير الآيات والإفتاء في الإعلام المرئي وفي الصحف ، وحتى الحديث عن الحريات الدينية والشذوذ الجنسي لم يعد مستهجن ، وعلى سبيل المثال المراقب لبرنامج التواصل الاجتماعي تويتر يستطيع أن يدرك حجم الخطر الذي نشأ من التجمعات المشبوهة لمن يسمون أنفسهم بعبدة الشيطان وأيضاً سقوط بعض الشباب في موجة الإلحاد بعد أن غُرر بهم عن طريق منزلق خطير وهو البحث عن الحرية والمطالبة بالحقوق. من المعروف أن الصاحب ساحب ورفيق السوء يجرك للمهالك ، فما بالكم ونحن في عصر مشاهير الإعلام أصحاب الفكر التنويري فلديهم إعداد كبيرة من المتابعين يستقبلون منهم أفكار وأطروحات وسهام مسمومة بشكل يومي متواصل فإن لم تصبهم الأولى فلابد أن يقع في قلوبهم شك من الثانية وسوف يسقطون أخيراً أمام الرغبة والرهبة من المشهور والقدوة إلا من رحم الله , والله أعلم.