الرجال أربعة يقول أهل الحكمة: الرجال أربعة.....رجل حي حي، ورجل حي ميت، ورجل ميت حي، ورجل ميت ميت، وإليك بيانها عزيزي القارئ بالتفصيل.... أما الأول/ فهو رجل حي حي، لأنه يحي نفسه، ويحي من حوله، فكم من أناس ذكرهم بارز، واللسان عن وصفهم عاجز، يقدمون الخير للناس من كل جانب، فتارة تراه على ثغر حق، وأخرى مبارزا للبدع والأهواء ، لايكل ولايمل، لأنه حي في نفسه ويحي من حوله وأظن أن هذا القسم قليلون في مجتمعاتنا- إلا من رحم الله- فإن وجدت من هذا النوع قريبا أكان أم بعيد، فتشبث به، لأنه نور في الدنيا والآخرة بإذن الله... أما الثاني/ فهو رجل حي ميت، لأنه يحي نفسه دينا ودنيويا، ولكنه متقوقع على نفسه، إن حضر لا يأبه به، وإن غاب لا يسأل عنه، وجوده مثل عدمه، ولكن على حال هو يضيء نفسه، ولعله يربح الرهان مع نفسه، ويكبح جواد نفسه، ولعل هذا الشخص في آخر الزمان محمود في فعله، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق..... أما الثالث/ فهو رجل ميت حي، ودع الدنيا ولكن أثره باق ،وذكره راق، وعلى هذا القسم أناس كثر، سواء في ما مضوا في غابر الزمن، أو ودعونا قريبا، فأجلهم وأعظمهم وأكرمهم الأنبياء والمرسلون ،لأنهم أحيوا أنفسهم بكتاب الله وإتباع المنهج السماوي الرباني، ثم يليهم بعد ذلك الأتباع والأصحاب والأحباب، أيضا من هذا القسم العلماء الأجلاء، والدعاة الفضلاء، فإن سيرهم حاضرة بيننا، وعلموهم ساكنة في وجداننا، فهم مصابيح الدجى، وقناديل الظلمات، صحيح أنهم ودعوا الدنيا، ولكن ذكرهم حاضر بيننا..... أما الرابع/ وهو أنقصهم قدرا، وأخفضهم منزلا، لم يكن لهم ذكر في القلوب، ولم يكونوا ينيروا الدروب، ولا يستروا العيوب ،ودعوا الدنيا ورحلوا من ديارنا، هم الآن ساكنون في اللحود، لم يكن لهم ذكر على المعمورة، فأسهمهم دائما مغمورة، هم أموات في الدنيا وأموات في القبور نسال الله السلامة والتجاوز.... يقول أبو تميم: انظر يا أخيا أنت مع من من هؤلاء، فإن كنت مع القسم الأول، فنعما ماهي.. وإن كنت مع القسم الثالث، فذاك حسن ونور على نور.. وإن كنت مع القسم الثاني، فأنت مجرد رقم موجود سرعان ما يضيع بعد موته.. وإن كنت مع القسم الرابع، فدع أهلك يكثرون من الدعاء لك.... خاتمة: رحم الله الشيخ حسن حسين الكبيشي.......