ليس بمستغرب على المملكة أن تختار طريق الإصلاح بين المتخاصمين, فالمملكة اختارت الإسلام طريقاً ومنهجاً سار عليه قادتها, وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يهدي الإنسانية بمعان راقية للنفس التواقة للخير, فها هو يستل سيف الرحمة ليضرب به أطماع النفس الإنسانية التي غالت في الديات التي وصلت إلى 20 مليون ريال مقابل التنازل عن القصاص, وتوجست النفوس العفيفة خيفة من تحول الديات إلى تجارة بالدماء. فنجح سموه مؤخراً في إقناع أكثر من 21 أسرة من داخل وخارج المملكة بالتنازل عن القصاص بحق ذويهم المقتولين دون مقابل. وأنشأت المملكة لجنة للسعي في العفو وإصلاح ذات البين بمبادرة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود-رحمه الله- فى 1422ه, وانتشرت اللجان في ربوع المملكة لإنهاء كثير من المشكلات، وإيقاف جملة كبيرة من المنازعات، وتخفيف الضغط عن المحاكم ونشر أعمال الخير، وبذل المعروف للناس، ونبذ العداوات والشحناء فيما بينهم، والترغيب في التحلي بمكارم الأخلاق التي يأمر بها الدين الإسلامي الحنيف. وساهمت لجنة إصلاح ذات البين في منطقة مكةالمكرمة في إنقاذ 169 محكوماً عليهم بالقصاص ممن تنطبق عليهم الشفاعة. وشملت مهام اللجنة قضايا كثيرة من مختلف مناطق المملكة بالإضافة إلى محكومين من جنسيات مختلفة. وبالنظر في تقرير أعمال لجنة إصلاح ذات البين التابعة لإمارة المنطقة الغربية من خلال فروعها في جدةومكة والطائف لعام 1432ه, تظهر الجهود الكريمة لإزالة الفرقة بين الناس, فاللجنة أسهمت في معالجة أكثر من 20 ألف قضية في مجالات عدة في مقدمتها العفو عن 177 محكوما بالقصاص على مستوى المملكة، علاوة على إصلاح ذات البين في 8963 حالة في قضايا أسرية متنوعة مثل العقوق والخلافات الاجتماعية وقضايا رعاية الفتيات والعنف الأسري والخلافات الزوجية والقضايا المالية.