أقام النادي الأدبي في منطقة حائل الاسبوع الماضي محاضرة بعنوان: "ثقافة الطفل" للأستاذ عمر بن فوزان الفوزان، في القاعة الثقافية بمقر النادي في حي الحوازم بمدينة حائل، بإشراف وتنظيم من اللجنة المنبرية في النادي. وقدّم المحاضرة عضو مجلس إدارة نادي حائل الأدبي الأستاذ عبدالرحمن بن سالم اللحيدان بتقديم عرض موجز عن السيرة الذاتية لعمر الفوزان، وهو من مواليد حائل وأحد رجالات التربية والتعليم حيث عمل معلماً ثم مشرفاً تربوياً قبل أن يتقاعد، وهو أيضاً أديب وكاتب سعودي وعضو مجلس إدارة سابق في نادي حائل الأدبي، له العديد من المشاركات والمحاضرات في المملكة عن الأدب والفكر والفلسفة، وله كتابان تحت الطبع: مقالات فكرية و محاضرات فلسفية. ثم بدأ الفوزان محاضرته بتحية الحضور وشكر النادي الأدبي على استضافته في هذه المحاضرة، ثم تطرّق إلى تعريف الثقافة وتطورها وأن الاجتماع الإنساني هو اجتماع الناس وتواصلهم وتفاعلهم اجتماعياً هو الأساس الجوهري في نشأة الثقافة، وقال أن لكل مجتمع ثقافته الخاصة التي تميزه عن غيره من المجتمعات الأخرى، والثقافة تمثل حصيلة كل ما تعلمه أفراد مجتمع معين وبذلك تتضمن نمط معيشتهم وأساليبهم الفكرية. وأشار إلى أن الجيل الجديد يكتسب ثقافة مجتمعه ولكنه قد يضيف إليها أو يحذف منها لتتمشى مع حاجاته ومتطلبات مجتمعه مما ينتج عنه زيادة في الكم والكيف ويؤدي التراكم الثقافي على مر العصور إلى سرعة التعلم وزيادة الخبرة الإنسانية نتيجة الاستفادة من معارف وخبرات الأجيال السابقة وبذلك تتغير الثقافة من جيل لآخر وإن كان يحدث هذا التغيير بواسطة الأفراد أنفسهم . وقال الفوزان: تثير قضية الثقافة الكثير من التساؤلات ذلك أنها تتعدد تعدداً واضحاً باعتبار أن الثقافة هي وليدة بيئتها وهي ثمرة التفاعل بين مجموعة من العوامل الإنسانية الخاصة بالإنسان وما هو خارج عنه من ظروف بيئية وطبيعية، وقد واكبت الثقافة السلوك البشري منذ كان بحيث تحدث ثقافة كل جماعة ذات طابع خاص، وقد تفاعلت الجماعات البشرية وتبادلت الأفكار واتصل بعضها ببعض اتصالات أخذت صورة سليمة أو غيرها بحيث تأثرت هذه الثقافات ببعضها، وقد أخضع العلماء ظاهرة الثقافة للبحث والدراسة وحاولوا طرح مفاهيم عديدة للثقافة وأسهم في ذلك مختلف المدارس الفكرية في كافة التخصصات العلمية وخاصة من قبل علماء الغرب وكذلك العلماء العرب الذين نقلوا هذه التعريفات إلى اللغة العربية.كما تطرق المحاضر إلى عدة تعاريف للثقافة وكذلك عناصر الثقافة، وأشار إلى خصائص الثقافة، ثم تتبع أهمية ثقافة الطفل من وظيفتها الأساسية في تحويل المولود الجديد من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي، وتبدأ هذه العملية منذ لحظة الولادة وتستمر حتى الممات، إلا أن الثقافة ما هي تنشئة اجتماعية تحتل مكانة هامة خلال سنوات الطفولة وصولاً إلى سن الرشد، فخلال هذه السنوات الحاسمة تتم عملية الانتماء الاجتماعي بخصائصها ودينامياتها . ثم بيّن الفوزان مفهوم ثقافة الطفل وأنها هي أسلوب الحياة المميز لجماعة من الجماعات الإنسانية، وبتوضيح أكثر هي أسلوب الحياة المميز لجماعة الأطفال في مجتمع معين، ثم بين مصادر اشتقاق ثقافة الطفل ثم عدد أهداف تثقيف الطفل وشرح العوامل المؤثرة في ثقافة الطفل وتأثير الثقافة في شخصية الطفل. واستخلص تعريف أدب الأطفال بأنه: إبداع مؤسس على خلق فني ويعتمد بنيانه اللغوي على ألفاظ سهلة ميسرة فصيحة تتفق والقاموس اللغوي للطفل بالإضافة إلى خيال شفاف غير مركب ومضمون هادف متنوع وتوظيف كل تلك العناصر بحيث تقف أساليب مخاطبتها وتوجيهها لخدمة عقلية الطفل وإدراكه كي يفهم الطفل النص الأدبي ويحبه ويتذوقه ومن ثم يكتشف بمخيلته آفاقه ونتائجه. كما فرق المحاضر بين أدب الكبار وأدب الصغار ثم بين أهمية أدب الصغار، وتحدث عن القصة في أدب الأطفال، وقال: "تختلف مجالات الكتابة للأطفال وتتباين إلى درجة كبيرة وتتخذ أشكالاً عديدة منها: القصص، المسرحيات، البرامج الإذاعية والتلفزيونية، البرامج المسجلة، المواد الصحفية والمنشورات، الأفلام السينمائية.. إلخ وأضاف الفوزان: "سوف استعرض فقط القصة في أدب الأطفال بإيجاز، وخاصة التي يكتبها الأطفال أو الكبار للأطفال، ونقصد بالقصة كل ما يكتب للأطفال نثرياً بقصد الإمتاع والتسلية والتثقيف ويروي أحداثاً وقعت لشخصيات معينة في زمان ما ومكان ما سواء كانت واقعية أم خيالية، وهناك الكثير من الفرق بين القصة والرواية". ثم بعد ذلك بدأت مداخلات الحضور بالأستاذ سعود الراضي الرفاع بسؤاله انه ذُكر خلال المحاضرة عدة تعريفات للثقافة فأي التعريفات أقرب؟ أجاب الفوزان بأن الثقافة أشياء مادية وغير مادية وهناك ثقافة نخبوية تتعلق بالفكر والأدب كجزء من الثقافة وليس كل مثقف أديب. ثم مداخلة صوتية من المهندس حسني محمد جبر عن ضرورة قيام الأسرة بدورها في تثقيف أطفالها، وتساءل عن المدى العمري للطفل؟ وهل هناك تحفيز للتخطيط الثقافي في المجتمع؟ وأجاب المحاضر بأن سن الطفولة إلى خمسة عشر عاماً بحكم خبرته كمرشد طلابي، والتخطيط الثقافي يعتمد على حرية التفكير. بعد ذلك تساءل هيثم المليفي عن الفرق بين الأدب والثقافة؟ وأجاب الفوزان: بأن الأدب جزء من الثقافة، كما تساءل المليفي عن دور الإعلام الجديد في إذابة الثقافة الحقيقية كالمكتبة؟ فأجاب الفوزان بأن الأمر الأكثر أهمية هو تنمية الرقابة الذاتية والثقة بالنفس داعيا إلى الاستفادة من الحضارات الأخرى في تنمية الطفل. ثم سؤال من شكر عبدالعزيز العودة: هل تعتبر البيئة المدرسية الحالية محفزة وجاذبة؟ وأجاب المحاضر بان البيئة غير جاذبة مادام أن هناك تشديد في العقاب. وداخلت الأستاذة تركية الأشقر عن دور الإسلام في الثقافة وأنه لا بد من التوفيق بين الإسلام والحضارات الأخرى في اخذ المفيد. وتساءل إبراهيم الشغدلي عن نوعية الكتب المعطاة لبعض الأطفال ؟ وأجاب الفوزان بأن هناك العديد من الكتب في عديد المكتبات كالقصص. داخل نائب رئيس أدبي حائل الأستاذ رشيد الصقري وتكلّم عن ضرورة ثقافة الطفل وأنها ليست ترفاً وما أصعب الكتابة للطفل، وتساءل كيف نجعل الطفل مفيداً كما في اليابان وماليزيا؟ فأجاب الفوزان: بأننا أقل الجميع علاقة بأطفالنا، والمؤهل هو من يعرف طريقة تفكير الطفل، وهناك من كتب للطفل مثل الأستاذ عبدالرحمن اللحيدان الذي كتب 23 مؤلفاً للطفل، متمنياً أن يكتب الجميع للطفل. وتساءلت الدكتورة منى محمد خضر عن المحاضرة هل هي أدب للأطفال أم مناهج وطرق تدريس؟ وأجاب الفوزان بأن الأدب متنوع وواسع. كما تحدث الأستاذ علي العريفي في مداخلته بأن الأسرة هي الأساس في ثقافة الطفل، وأشار إلى أهمية المجتمع في تكوين ثقافة الطفل، وتساءل عن غياب ثقافة الحوار بين الطالب والمعلم، وهل أخفقت المناهج في تبني ثقافة الطفل؟ وأجاب المحاضر بأهمية الرقابة الذاتية في الأسرة والمجتمع كما في المجتمعات المتحضرة. ثم ختم مدير المحاضرة الأستاذ عبدالرحمن اللحيدان أعمال المحاضرة وشكر المحاضر والحضور على حضورهم، وقدّم نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي في منطقة حائل الأستاذ رشيد بن سلمان الصقري شهادة تقديرية ودرع تذكاري للمحاضر الأستاذ عمر بن فوزان الفوزان.