أهم ما بقي من كارثة فوكوشيما النووية اليابانية أن خطرها على البيئة وعلى الإنسان لا يزال قائما حتى اليوم ويتجاوز بكثير حدود المناطق المجاورة لمكان حصول الكارثة. تؤكد كل الدراسات والأبحاث التي أجريت حول الموضوع أن الغازات المشعة التي انطلقت من مفاعلات المحطة النووية قبل عام لا تزال عالقة في أتربة الأراضي القريبة من مكان وقوع الكارثة وفي مقدمتها بعض أنواع السيزيوم. وقد تسربت هذه الغازات التي تحتوي على إشعاعات مضرة بالبيئة والصحة البشرية في المزارع والحقول المجاورة لمكان المحطة النووية. وينتظر أن تظل نشطة لمدة سنوات. استغرب الذين أشرفوا على إعداد الدراسات تسرب كميات أقل من هذه الإشعاعات إلى حيوانات الماشية. ولكنهم اهتدوا بسرعة إلى أن جزءا كبيرا من الماشية كان يغذى بواسطة أعلاف مخزنة عند حصول الكارثة وقبلها بقليل. وبالرغم من أن الإشعاعات التي حملتها التيارات الهوائية والمياه من المحطة إلى المحيط الهادئ قبل سنة قد نزل الكثير منها إلى قاع المحيط، فإنها تظل مشكلة بالنسبة إلى السلسلة الغذائية. ويدعو المتخصصون في الذرة إلى مواصلة صيد الأسماك في السواحل القريبة من المحطة لا لاستهلاكها ولكن لإخضاعها لفحوص طبية دقيقة. وما بقي أيضا من كارثة فوكوشيما النووية على المستوى العالمي انقسام البلدان المالكة للذرة المستخدمة في أغراض سلمية إلى ثلاثة أقسام : قسم اتخذ قرارا سياسيا شجاعا بالتخلي عن الخيار النووي. وهو حال ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا على سبيل المثال وقسم لا يزال متمسكا بهذا الخيار وفيه نجد مثلا الصين الشعبية والولايات المتحدةالأمريكية وقسم لا يزال يتساءل عن طرق التخلي تدريجيا عن هذا الخيار، وتنتمي فرنسا إلى هذا القسم بالرغم من إصرار أحزاب يمينية ويسارية عديدة على الاحتفاظ بخيار الذرة كجزء هام من منظمة سياسة الطاقة المستقبلية.