رغم قلة عدد مشاركاته في بطولة كأس الأمم الأفريقية، يحسب للمنتخب السوداني (صقور الجديان) أنه واحد من 13 منتخباً فقط نجحوا في تدوين اسم بلادهم في السجل الذهبي للبطولة حيث نجح في ترك بصمته مبكراً من خلال الفوز بلقبها في النسخة السابعة التي استضافتها بلاده.ولكن هذا اللقب وكذلك عدد مشاركات صقور الجديان في نهائيات البطولة لا يعبر بشكل منطقي عن عراقة الكرة السودانية التي كانت من أبرز القوى الكروية في القارة السمراء في منتصف القرن الماضي. وبعد غياب دام لأكثر من ثلاثة عقود عاد المنتخب السوداني للمشاركة في النهائيات من خلال البطولة السادسة والعشرين التي استضافتها غانا قبل أربعة أعوام ولكنه لم ينجح في التأهل للبطولة الماضية عام 2010 بأنغولا.عاد الحظ ليحالف المنتخب السوداني الذي حجز مقعده بصعوبة في النهائيات القادمة التي تستضيفها غينيا الاستوائية والغابون من 21 يناير الحالي حتى 12 فبراير المقبل. وكان المنتخب السوداني هو آخر المتأهلين للبطولة القادمة حيث صعد للنهائيات من الباب الضيق وبعدما احتل المركز الثاني في مجموعته ووقف الحظ بجواره ليصبح ثاني أفضل الفرق التي احتلت المركز الثاني في جميع المجموعات بالتصفيات.واحتل المنتخب السوداني المركز الثاني في المجموعة التاسعة بالتصفيات برصيد 13 نقطة وبفارق ثلاث نقاط خلف نظيره الغاني. وخلال مسيرته في هذه المجموعة، فاز المنتخب السوداني على الكونغو 2-صفر و1-صفر وتعادل مع غانا سلبياً وخسر صفر-2 وفاز على سوازيلاند 3-صفر و2-1 مما يعني أن النقاط الخمس التي فقدها في التصفيات كانت أمام المنتخب الغاني مما يدل على أن المنتخب السوداني يمثل قوة لا يستهان بها وينتظر أن يكون منافساً قوياً في مجموعته بالنهائيات. ورغم المشاركات القليلة للمنتخب السوداني في نهائيات كأس الأمم الأفريقية، نجح الفريق في ترك بصمة جيدة خاصة في مشاركاته الأولى حيث كان واحداً من ثلاثة منتخبات فقط شاركت في البطولتين الأولى والثانية.لعبت السودان دوراً كبيراً في إثراء الكرة الإفريقية في الخمسينيات والستينيات ويكفي أن الاتحاد السوداني للعبة كان أحد الاتحادات الأهلية المؤسسة للاتحاد الافريقي لكرة القدم (كاف) عام 1956 كما استضافت السودان ضربة البداية لكؤوس الأمم الافريقية بتنظيم البطولة الأولى عام 1957. واحتل المنتخب السوداني المركز الثالث والأخير في البطولة الافريقية الأولى على أرضه عام 1957 ثم فاز بالمركز الثاني في البطولة الثانية التي استضافتها مصر عام 1959 لكنه لم يتأهل للبطولة الثالثة التي استضافتها إثيوبيا عام 1962. وعاد المنتخب السوداني للمشاركة من خلال بطولة 1963 والتي حصل فيها على المركز الثاني ثم فشل في التأهل للبطولتين التاليتين عامي 1965 و1968 . سجل المنتخب السوداني اسمه في سجل الأبطال بإحراز لقب بطولة عام 1970 عندما استضافت بلاده البطولة للمرة الثانية. لكن مستوى المنتخب السوداني أخذ في التراجع وتذبذبت نتائجه في البطولات التالية فلم يتأهل للنهائيات الأفريقية منذ فوزه باللقب عام 1970 سوى مرتين عامي 1972 و1976 وخرج فيهما من الدور الأول للبطولة. وجاءت تصفيات بطولة عام 2008 بغانا لتحمل إنجازاً حقيقياً للكرة السودانية حيث تأهل الفريق للنهائيات بجدارة ورغم المنافسة القوية من نظيره التونسي. وجاء تأهل المنتخب السوداني إلى النهائيات في غانا 2008 ليتوج الطفرة الهائلة للكرة السودانية في عام 2007 والذي شهد وصول الهلال السوداني إلى الدور قبل النهائي في دوري أبطال أفريقيا وتأهل المريخ السوداني إلى نهائي بطولة كأس الاتحاد الافريقي (الكونفيدرالية). لكن القرعة ظلمت الفريق فأوقعته في مجموعة صعبة بنهائيات 2008 وأطاحت به منافسات المجموعة لصالح المنتخبين المصري والكاميروني اللذين وصلا للمباراة النهائية للبطولة بعد ذلك. ومع وصول المنتخب السوداني إلى النهائيات في 2012 ، يأمل صقور الجديان في استعادة هيبتهم الأفريقية المفقودة واستعادة ذكريات تراثهم العريق في البطولة خاصة وأن مجموعتهم الثانية التي تضم منتخبات كوت ديفوار وأنغولا وبوركينا فاسو لن تكون بنفس قوة مجموعة الفريق في نهائيات 2008. وإذا كان فوز المنتخب الإيفواري بإحدى بطاقتي هذه المجموعة إلى دور الثمانية أمراً منطقياً، فإن فرصة المنتخب السوداني تبدو جيدة أيضاً في التأهل معه لدور الثمانية. لكن ما يزعج المنتخب السوداني بالفعل أنه سيستهل مسيرته في البطولة بأقوى اختبار ممكن له وذلك أمام المنتخب الإيفواري في 22 كانون ثان/يناير الحالي قبل مباراتيه التاليتين أمام منتخبي أنغولا وبوركينا فاسو في 26 و30 من الشهر نفسه. ورغم تألق الفريق في التصفيات في الفترة الماضية، يعاني المنتخب السوداني من سلبية خطيرة وهي افتقاده الخبرة المطلوبة في البطولات الكبيرة مثل كأس الأمم الافريقية التي غاب عن المشاركة فيها لأكثر من ثلاثة عقود قبل مشاركته في بطولة 2008. أما المشكلة الأخرى التي تؤرق صقور الجديان فهي اعتماد الفريق على مجموعة من لاعبي الدوري السوداني في مواجهة كتائب من المحترفين في أوروبا في كل من المنتخبات المنافسة. في نفس الوقت ، قد تكون هذه المشكلة من نقاط القوة أحياناً نظراً لاعتماد المنتخب السوداني على لاعبي فريقي الهلال والمريخ قطبي الكرة السودانية مما يعني انسجام اللاعبين سوياً بشكل كبير لمشاركتهم سوياً بانتظام في مباريات الدوري والكأس المحليين. ويضم منتخب السودان مجموعة رائعة من اللاعبين هم الأفضل في تاريخ الكرة السودانية منذ جيل عام 1970 ومنهم هيثم مصطفي قائد الفريق ولاعب خط وسط الهلال وأحد أكثر اللاعبين خبرة نظراً لمشاركاته مع الفريق في دوري أبطال أفريقيا واستمراره مع المنتخب السوداني منذ سنوات طويلة. يقود الفريق المدرب محمد عبد الله مازدا الذي تولى مسؤولية الفريق في عام 2008 قبل أن يتولى المدرب ستيفان كونستانتين القيادة في مطلع العام التالي ولكنه لم يستمر مع الفريق سوى عام واحد ليعود مازدا إلى المسئولية وينجح في قيادة صقور الجديان للبطولة القادمة.