واصل ألوف النشطاء المصريون امس لرابع يوم على التوالي احتجاجاتهم المطالبة بأن يسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة إلى مجلس مدني. وقتل أكثر من 20 متظاهرا على مدى يومين الأحد والاثنين وأصيب المئات ممن شاركوا في العنف ومهاجمة الأمن في هجمات الشرطة والجيش على المحتجين في ميدان التحرير بوسط القاهرة لكن ألوف النشطاء واصلوا اعتصامهم في الميدان في تحد لمساعي الحكومة المتواصلة لإنهاء الاعتصام. وقال المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيان الليلة قبل الماضية إنه يعبر عن "أسفه الشديد" لما آلت إليه الأحداث وإنه يكلف مجلس الوزراء باتخاذ ما يلزم من "إجراءات عاجلة للوقوف على أسباب هذه التداعيات والعمل على انهائها ومنع تكرار ذلك مستقبلا." وأضاف أن ذلك يكون "من خلال حوار إيجابي من كافة القوي والتيارات السياسية وائتلافات الشباب على أن ينتهي ذلك في أسرع وقت ممكن." لكن مشاورات الحكومة مع الأحزاب وائتلافات الشباب خلال الشهور الماضية لم تفض إلى اتفاقات تنال تأييدا شعبيا. ووسط مخاوف من أن تتسبب الاحتجاجات في تقويض خطة المجلس العسكري لنقل السلطة والتي يمكن أن تنتهي أوائل عام 2013 قالت الحكومة إنها تلتزم بإجراء الانتخابات التشريعية التي ستجرى بعد أسبوع. ومنذ بدء محاولات فض اعتصام ميدان التحرير الذي بدأ ليل الجمعة قتل 12 ناشطا وأصيب نحو 177 بحسب التقديرات الرسمية. وقال أطباء إن الإصابات نتجت عن استخدام الرصاص الحي والرصاص المطاطي وطلقات الخرطوش وقنابل الغاز المسيلة للدموع والعصي الكهربية والهراوات لكن مجلس الوزراء قال إن الشرطة لم تستخدم أي نوع من الرصاص ضد المعتصمين. وقالت الحكومة في بيان أذاعه التلفزيون الرسمي إنها تؤيد الشرطة في المواجهات مع المحتجين. وأثار بيان الحكومة استياء المعتصمين وأحزاب سياسية ووصفت جماعة الإخوان المسلمين استخدام القوة ضد المعتصمين السلميين بأنه "جريمة". وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون مصر بعد إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية استمرت 18 يوما في بداية العام. ويتهم المتظاهرون الجيش بأنه يحاول الاحتفاظ الحكم من وراء ستار من خلال إشرافه على عملية نقل السلطة التي يمكن أن تستمر إلى أوائل عام 2013. وينفي المجلس الأعلى للقوات المسلحة ذلك ويقول إنه يسرع بعملية نقل السلطة. وخلال الهجمات على المحتجين أمس وقفت مجموعة محتجين في صف كما لو كانت تركع في الصلاة خلال الاقتحام كما ظهر في لقطات تلفزيونية. وألقت الشرطة العسكرية القبض على عشرات الأشخاص خلال اقتحام الميدان بحسب شاهد عيان. وقالت أمل المهندس التي تبلغ من العمر 31 عاما "المجلس العسكري يصم آذانه ويتجاهلنا. إنهم لا يريدون أن يحركوا ساكنا تجاهنا ونحن سنستمر في احتلال الشوارع والمطالبة بحقوقنا. في النهاية العدل سيسود." وهبط مؤشر البورصة بنسبة 2.5 في المئة أمس الأحد في الوقت الذي شعر فيه المستثمرون بالقلق إزاء نتيجة الاشتباكات. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن المرشح المحتمل للرئاسة عبد الله الأشعل أدان العنف ضد المحتجين ودعا إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني. وحثت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاترين أشتون المجلس العسكري على وقف العنف. وقالت في بيان "أحث على الهدوء وضبط النفس وادين استخدام العنف بأقوى العبارات... ما من شك في ان العملية الانتقالية صعبة وتمثل تحديا. "أؤكد أن السلطات المؤقتة وكل الأطراف المعنية تتحمل المهمة الحاسمة التي تتعلق بالاستماع للناس وحماية طموحاتهم الديمقراطية." وقالت جماعة الإخوان المسلمين التي يتوقع أن تكون أكثر المستفيدين من الانتخابات في موقعها على الإنترنت اليوم إنها لن تقبل أي تحرك لتأخيرها. وقالت في بيان "ليعلم الجميع أن شعبنا الواعي ونحن معه لن نسمح بإلغاء أو تأجيل الانتخابات مهما كان الثمن." وأضافت أن أي تأجيل للانتخابات "يعد انقلابا على الثورة والحرية والديمقراطية وإعادة للاستبداد والفساد والاستعباد."ورفض إسلاميون من بينهم الإخوان الاشتراك في الاحتجاج. وقال المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان إن الموجودين في الميدان لا ينتمون لأي حزب. وأضاف أن هذا مشهد جديد وأن المشاركين فيه لا يريدون للشعب المصري أن يشق طريقه إلى الانتخابات. ويثير موقف الإخوان الحريص على إجراء الانتخابات غضب نشطاء تمنوا أن تدعمهم الجماعة بشباب منها يشاركونهم الاعتصام. وقال مدحت فوزي وهو أحد المتظاهرين "لسنا أحزابا سياسية ونحن نكره الاخوان المسلمين الذين تخلوا عن الثورة وعن الشعب... نحن شبان مصريون." ورفع يده مشيرا بعلامة النصر. وقال اللواء محسن الفنجري عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة لقناة تلفزيونية "المطالبون بتغيير الحكومة عليهم الصبر حتي نهاية الانتخابات القادمة لأن المطالبة بتغيير الحكومة الحالية يعني اسقاط الدولة ولن نسمح بذلك." وأضاف أن الانتخابات ستجرى في موعدها وأن الجيش ووزارة الداخلية سيحفظان الأمن. وقال أيضا إن الجيش يهدف إلى العودة لثكناته بحلول نهاية 2012 كما أعلن سابقا وإن من الممكن ان تجرى انتخابات رئاسية في غضون ذلك الوقت. وأمس حضر جنازة الناشط بهاء السنوسي الذي قتل في الإسكندرية يوم السبت أكثر من ألفي شخص.وشارك أكثر من ألف ناشط في مسيرتي احتجاج في المدينة بعد الجنازة توجهتا إلى مبنى مديرية الأمن في المدينة حيث قتل ناشط الليلة الماضية ورشقوا المبنى بالحجارة وردت عليهم الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع والحجارة. وقالت مصادر أمنية في المدينة إن الشرطة ألقت القبض على نحو 78 ناشطا إلى الآن. وفي مدينة السويس نظم أكثر من ألف ناشط مسيرتين في المدينة. ورشق المحتجون الشرطة بالحجارة وردت عليهم الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع. ونال الجيش تأييدا شعبيا خلال الإطاحة بمبارك لحفظه النظام وتعهده بتسليم السلطة إلى حكومة منتخبة لكن التأييد انحسر بسبب لجوئه للمحاكمات العسكرية للمدنيين والاعتقاد أنه يريد الاستمرار في السيطرة على البلاد بعد أن تؤدي حكومة جديدة اليمين.