نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة أمس مؤتمر مكةالمكرمة الثاني عشر، الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بعنوان: (الدعوة الإسلامية.. الحاضر والمستقبل) وذلك بالقاعة الكبرى بمقر الرابطة بمكةالمكرمة بحضور سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ. وكان في استقبال سموه عند وصوله إلى مقر الحفل معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي والأمناء المساعدون للرابطة. وبدأت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بتلاوة آيات من القرآن الكريم، بعد ذلك ألقيت كلمة المشاركين ألقاها نيابة عنهم إمام وخطيب المسجد الأقصى الدكتور يوسف سلامة رفع فيها تعازي المشاركين لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ولحكومة وشعب المملكة والأمة العربية والإسلامية في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - ودعواتهم لسموه بأن يتغمده الله بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه، كما رفع فيها تهنئة المشاركين لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لاختيار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد وتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للداخلية، مهنئين سموه بهذه الثقة الملكية الكريمة سائلين الله له العون والتوفيق والسداد. كما عبَّر عن عظيم شكره وامتنانه لخادم الحرمين الشريفين على رعايته لهذا المؤتمر ولدعمه الدائم والمتواصل للرابطة وللقضايا الإسلامية ولخدمة الإسلام والمسلمين بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي كلمة رفع فيها تعازي رابطة العالم الإسلامي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. كما رفع تهنئة الرابطة لخادم الحرمين الشريفين ولصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود على اختيار سموه الكريم ولياً للعهد وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء، منوهين بخبرة سموه الطويلة ودعمه للعلم والعلماء والدعوة والدعاة، وقدراته المتميزة، ونظرته الصائبة للمملكة ومنهاجها الأصيل القائم على الكتاب والسنة وتطبيق الشريعة وخدمة الإسلام والمسلمين، والتعامل مع القضايا الإقليمية والعالمية وفق رؤية إسلامية معتدلة ومنفتحة وفق ضوابط الشرع. وأكد أن رابطة العالم الإسلامي تعتبر التعريفَ بالإسلام والدفاع عنه والعمل على تقيد المسلمين به من أولويات أهدافها، ونوه معاليه بما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - من دعم مادي ومعنوي لرابطة العالم الإسلامي ومناشطها المختلفة وشكر لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، على تفضله بافتتاح هذا المؤتمر نيابة عن خادم الحرمين الشريفين وعلى دعمه للرابطة. بعد ذلك ألقى مفتي عام المملكة كلمة اكد فيها أن الدعوة إلى الله هي طريق الأنبياء والمرسلين والطريق السهل على منهاجهم الى يوم الدين وقال "الله جلّ وعلى يبعث على كل رأس قرن لهذه الأمة من يجدد لها عرى دينها ويعيدها إلى الكتاب والسنة ويبصرها بدينها فمن تأمل تاريخ الإسلام وجد أن هذه الدعوة لم يخل منها قرن من القرون ولا إقليم من الأقاليم، والدعوة إلى الله لابد منها وضرورة ولا غنى عنها"، مشيرا إلى أن الدعوة في هذا العصر تواجه تحديات كثيرة ومنها أنهم يصفون الدعاة إلى الله بأنهم إرهابيون وبأنهم كذا وكذا وهم في هذا مخالفون الواقع فالدعاة إلى الله ليسوا إرهابيين ولكنهم موجهين ودعاة مرشدين وان أخطأ بعضهم أو أتى بخطأ فممارسة الأخطاء من الأفراد لا يحكم بها على الجميع، بل دين الإسلام والدعاة إليه دعاة خير وسلام وأمن واستقرار ولابد للمسلمين أن يكشفوا هذه الشبهة ويبينوا محاسن الإسلام وفضائله وأن الدعوة إلى الله دعوة بالحكمة والبصيرة والموعظة الحسنة والطريق السليم لكي يفهم العباد حقيقة هذا الدين. وأضاف سماحته "من العقوبات التي تواجه الدعوة المواقع الكثيرة المتعددة التي تهاجم الإسلام وفضائله وأخلاقه فلا بد للمسلم أن يكون على بصيرة من أمره وأن لا ينخدع بكل ما يلقى وبما كل ما ينشر وأن يقابل المسلمون هذه الهجمة الشرسة ضد الإسلام بتبصير الأمة وتوعيتها، فهذه المواقع المختلفة لا تخلو من دعوة باطلة ودعوات ضالة فلابد أن تقابل بالحجة القاطعة". وتابع سماحته يقول "ومن العقبات التي تواجه الدعاة ضعف همة المسلمين فلا بد من تنشيط الأمة وبث روح النشاط في نفوسهم. بعد ذلك ألقيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة جاء فيها: "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية معالي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي أمين عام رابطة العالم الإسلامي ضيوفنا الأفاضل.. الحفل الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شرف عظيم، أن ينيبني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله، لأشارك هذا الجمع المبارك افتتاح الدورة الثانية عشرة، لمؤتمر مكةالمكرمة، الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، في مثل هذه الأيام المباركة من كل عام. ويطيب لي بهذه المناسبة أن أرحب بضيوفنا الأكارم، من العلماء والدعاة والمفكرين، في رحاب هذا البلد الأمين، الذي يستقبل الآن ملايين الحجاج من شتى بقاع المعمورة، وتبذل المملكة فائق عنايتها، وتسخر كل طاقاتها وقدراتها، لأمنهم وراحتهم، وتوفير حاجاتهم، وتيسير أدائهم للفريضة الركن، مستشعرة عظم الأمانة، التي شرفها بها الرحمن، في خدمة ضيوفه جل وعلا. الحفل الكريم يأتي موضوع هذه الدورة عن "الدعوة الإسلامية: الحاضر.. والمستقبل"، في وقت تشتد حاجة الأمة إلى حراك فاعل، لمراجعة حاضر الدعوة، ومواجهة التحديات في مسارها، وطرح الرؤى ومشاريع التجديد والإصلاح والتطوير في آلياتها، بما يحقق تفاعل الأمة، وانفتاحها على غيرها من الأمم، انطلاقاً من أن رسالة الإسلام السامية، ليست موجهة إلى قوم دون الآخرين، وإنما هي رسالة عامة لكل البشر، وحتى قيام الساعة، وهذا يؤكد ما هو معلوم بالضرورة، من أن الأمة الإسلامية مكلفة، على سبيل الوجوب الجماعي، بتبليغ الدعوة إلى كافة أهل الأرض. ولا شك أن الإنسان اليوم، في غير مكان على وجه البسيطة، رغم التقدم المادي والتقني المذهل الذي حققه، يعاني من التيه والخواء الروحي إلى حد الإفلاس، والتمرد حتى على الفطرة، في غياب علمه بدين الفطرة، بما يجعله في أمس الحاجة، للتعرف إلى الرحمة والنور والهداية، في رسالة الإسلام الشاملة، التي تبين للفرد والجماعة كل ما يصح به دينهم ودنياهم، حتى في أدق تفاصيل الحياة، نعم.. فالإسلام وحده، بما يكتنز من قيم ربانية شاملة، ونظرة إلى الحياة متوازنة، جدير بإنقاذ الإنسان من مأزقه السلوكي الراهن، مع الحفاظ على مكتسباته المادية وتنميتها في الوقت ذاته. الأخوة الأفاضل يجب أن ينطلق خطاب الدعوة، لتسويق هذا الدين بين الأمم على وجهه الصحيح، وإبراز محاسن وسطيته، وموافقته للفطرة السليمة، وذب أشكال التشويه والتزييف، التي يروج لها أعداء الداخل والخارج، ونقض عللهم بالحجة والبرهان، كما أن على هذا الخطاب أن يعالج القضايا المستجدة تبعاً لمتغيرات العصر، وأن يوظف وسائط الاتصال العصرية لتوسيع دائرة انتشاره. ويجب الاعتراف بأن تغيير الصورة السيئة عن المسلمين لدى الآخر، يقتضي تغيير ما يشوب أصل المنهج الرباني، من تشوهات تطبيق البشر، لأن العداوة ضد الإسلام تتخذ من ضعف واقع المسلمين فرصة للهجوم، فعلينا أن نعمل ما وسعنا لنقدم "القدوة الإسلامية" للآخرين، لأنها خير دفاع عن الإسلام، وخير وسيلة لإقناع الآخر بالدخول فيه. أيها الأخوة: المملكة العربية السعودية وفاء لواجبها الديني والتاريخي ما فتئت تبذل جهدها في خدمة الإسلام: حفاظاً عليه صحيحاً نقياً بين أبنائها، وتعريفاً به ودفاعاً عنه في الآفاق العالمية، وتنشئ المساجد والمراكز الإسلامية، وشبكة واسعة من المعاهد والمدارس والأكاديميات في مختلف أنحاء العالم، وتقدم المنح الدراسية، والدورات التدريبية لأبناء المسلمين، وتدعم البحوث الإسلامية، والكراسي العلمية، في العديد من الجامعات العالمية، بهدف تشجيع أبحاث الشريعة الإسلامية، والحوار بين الحضارات، ونشر الإسلام والتعريف بمبادئه. كما تعمل المملكة في إطار التعاون الدولي، على التصدي للإرهاب بمختلف أشكاله، مشددة على أن الإسلام لا يمكن أن يشجع على الإرهاب، لأن تعاليمه تمجه وتحذر منه أشد التحذير، وأن الإسلام لا يصنف بين معتدل ومتشدد، أو سياسي وغير سياسي، بل هو نسيج واحد يستقى من مصدرين أساسيين: كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أما من زاغ به الفكر، وزلت به القدم، فلأنه لم يرجع إلى الراسخين في العلم، المرجع الموثوق به في أحكام الفقه الإسلامي. وفي الختام، أنوه بما تقوم به رابطة العالم الإسلامي، من جهود مميزة في التعريف بالإسلام، وذب الشبهات والأباطيل عنه، وعن أمته وحضارته. وأقدم الشكر لكل القامات الحاضرة، سائلاً المولى جل وعلا أن يكلل أعمالكم بالنجاح والتوفيق، لما فيه خير الأمة الإسلامية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".