الفضاء الالكتروني مصطلح حديث، ظهر في العقود الأخيرة نتيجة لثورة تكنولوجيا المعلومات. ويشمل الفضاء الالكتروني، في ما يشمل، جميع الحواسيب والمعلومات التي بداخلها والأنظمة والبرامج والشبكات المفتوحة لاستعمال الجمهور العام أو تلك الشبكات التي صممت لاستعمال فئة محددة من المستعملين ومنفصلة عن شبكة الإنترنت العامة. وقد تعاظم في الفترة الأخيرة اهتمام مراكز الأبحاث والنخب في إسرائيل بموضوع الحرب في الفضاء الالكتروني. ونظم معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، في التاسع من يونيو 2011، يوماً دراسياً تناول هذا الموضوع، وتحت عنوان «حرب الفضاء الالكتروني - تحديات على الصعيد العالمي والسياسي والتكنولوجي». وافتتح اليوم الدراسي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وتحدث فيه نخبة من الباحثين والمختصين الإسرائيليين، الذين أكدوا على أهمية الحرب في الفضاء الالكتروني بالنسبة لأمن إسرائيل. وشدد بنيامين نتنياهو في مداخلته على أهمية وحيوية هذا الموضوع بالنسبة لإسرائيل، وأكد على ضرورة أن تصبح إسرائيل دولة عظمى في مجال حرب الفضاء الالكتروني، وأن تكون فاعلاً مهماً على الصعيد العالمي في هذا المضمار. كما ناقشت «لجنة العلم» التابعة للكنيست في الرابع من يوليو 2011 موضوع الحرب في الفضاء الالكتروني، واستمعت إلى الخبراء والمختصين في هذا المجال. وأشار الجنرال البروفيسور يتسحاق بن يسرائيل، رئيس «المجلس الوطني للبحث والتطوير» أمام «لجنة العلم»، إلى وجود فجوة في إسرائيل بين الاحتياطات الدفاعية عن البنى التحتية الأمنية وبين الدفاع عن بنى تحتية مدنية حساسة وهامة ضد هجمات في الفضاء الالكتروني. وأضاف أن الهجمات في الفضاء الالكتروني تحدث يومياً وأنها ليست جزءا من الخيال العلمي بل هي حقيقة واقعة. واستطرد قائلا: «جزء من هذه الهجمات يسبب ازعاجاً، بينما قد يلحق الجزء الآخر من هذه الهجمات أضراراً جسيمة. فهناك الكثير من البرامج والأنظمة المتطورة التي يمكن استعمالها في الفضاء الالكتروني التي قد تشل وتعطل عمل مرافق الدولة الأساسية مثل: البورصة والبنوك والكهرباء والمواصلات والاتصالات، والناس لا يدركون عمق الخطر». وأشار يتسحاق بن يسرائيل إلى أن أحد أهداف إقامة «هيئة السايبر الوطنية» في إسرائيل، التي أعلن عن تأسيسها في مايو 2011، هو إنشاء «الحاسوب المتطور» في إحدى الجامعات بإسرائيل، إذ لا تملك إسرائيل مثل هذا الحاسوب، ويحظر بيعه إليها، لعدم توقيعها على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. أما رئيس «لجنة العلم» التابعة للكنيست، مئير شطريت، فقال في سياق تشديده على موضوع تأمين الفضاء الالكتروني، إنه بالإمكان التسبب في انهيار إسرائيل من دون دبابات وطائرات، وإنما بواسطة حرب الفضاء الالكتروني. وفي سياق هذا الاهتمام الإسرائيلي بحرب الفضاء الالكتروني صدر باللغة العبرية، في يونيو 2011، عن معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، كتاب «حرب الفضاء الالكتروني: اتجاهات وتأثيرات على إسرائيل»، للباحثين شموئيل ايفن ودافيد بن سيمان- طوف، العاملين في معهد أبحاث الأمن القومي. ويضم الكتاب مقدمة وأربعة فصول وخاتمة وملحقين، بما مجموعه تسعين من الصفات. وأشار المؤلفان إلى أن الفضاء الالكتروني بات مجال قتال جديد، وانضم بذلك إلى مجالات القتال الأخرى، في اليابسة والبحر والجو والفضاء. فالدول المتطورة وجيوشها تزيد من نشاطاتها وأبحاثها في الفضاء الالكتروني الذي أصبح يشكل بالنسبة لها مصدر قوة عظيمة، ولكنه في الوقت نفسه يكشف خاصرتها الضعيفة، لأن البنى التحتية التي تقوم عليها الدول الحديثة مثل الكهرباء والمياه والمواصلات والاتصالات والبورصة والبنوك تعتمد في عملها على الفضاء الالكتروني. وكذلك شبكات القيادة والسيطرة والتحكم العسكرية ومختلف أنواع التكنولوجيا المتطورة في ساحات القتال؛ مثل: أنظمة جمع المعلومات، واستعمال الأقمار الصناعية والطائرات من دون طيار في الحرب؛ كلها تعتمد على الفضاء الالكتروني.ونوه المؤلفان إلى ميزات الفضاء الالكتروني كمجال قتال، وأبرزها التمكن من العمل بسرعة واحد من الألف من الثانية، ضد أعداء يبعدون آلاف الأميال من دون تعرض المهاجمين أو المقاتلين للأخطار.