مؤخرا عُثر على أكثر من خمسين جثة ملقاة في مستودع بالعاصمة طرابلس خلف مقر كتيبة خميس التي كان يتزعمها أحد أبناء الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وهي وحدة عسكرية كانت تثير الرعب في قلوب الليبيين ، وقال الناجون : إنهم مدنيون تعرضوا لمذبحة على يد قوات القذافي. يقول مراسل بي بي سي : لقد أحاطت بنا رائحة الموت المنبعثة من المستودع والمثيرة للغثيان من كل جانب وكأنها تجسدت في شيء مادي.وشاهدنا داخل المستودع بقايا أكثر من 50 جثة متفحمة، بعضها كانت عبارة عن هياكل عظمية، قتل أصحابها عندما بدأ النظام يتداعى.وكان هناك مزيد من الجثث ملقاة على الأرضية في الخارج. وكان الحبل لا يزال مربوطا إلى ساقي أحد الضحايا. رجل نحيل كان عبد الله معتقلا رفقة ثلاثة من أبنائه لكن يخشى أن يكونوا قد قتلوا كان رجل نحيل مسن يدعى فتح الله عبد الله يبكي أمام مدخل المستودع. لقد أخبرنا أنه حاول الهروب من المجزرة رفقة أبنائه الثلاثة، إبراهيم وعبد الحكيم وعلي الذين كانوا معتقلين في الداخل معه لكن دون جدوى. وكان الأربعة اعتقلوا في وسط شهر أغسطس/آب في مدينة زليتن. قال عبد الله وهو يشير إلى ركن تناثرت فيه بقايا جماجم بشرية "كنت هناك... كان أبنائي إلى جانبي. كان المكان يغص بالمعتقلين وكأنهم حيوانات." وأضاف قائلا "كنا محشورين فوق بعضنا البعض...لم يكن هناك مكان لوضع رجلك على الأرض." ومضى قائلا إن نحو 150 مدنيا من مختلف أجزاء ليبيا كانوا محتجرين هناك، مضيفا أن جنودا ومرتزقة كانوا يتولون حراستهم. وأدلى ناج آخر بتقديرات مماثلة لما حصل. ظل السجناء يطلبون الماء ووعد الحرس بإحضاره عند الغروب لكنهم أحضروا بدلا من ذلك الرشاشات. وتابع فتح الله قائلا "بدأوا في إطلاق النار ثم ألقوا علينا ثلاث قنابل يدوية. توقفوا وعادوا أدراجهم ثم عاودوا إطلاق النار." عندما فتح سجين آخر باب المستودع، اختبأ فتح الله تحت شاحنة كانت مركونة هناك وهو يستمع إلى فصول المجزرة التي لم يستطع إيقافها. وقال فتح الله إنهم "استمروا في إطلاق النار حتى الساعة الثانية أو الثالثة صباحا. كل من بقي على قيد الحياة قتلوه." فتح الله متأكد من أن اثنين من أبنائه قتلا في المستودع لكن يراوده أمل بأن ابنه الثالث، علي، نجا من المجزرة لكن يبدو أن حظوظ نجاته ضئيلة. وخارج المستودع صافح فتح الله ناجيا آخر وهو علي حمودة، والكآبة تعلو محياه. ولم يصب علي بأي أذى لكن ابن عمه كان من بين القتلى. وقال الرجلان : إن بعض جنود القذافي كانوا من ضمن من قتلوا في المستودع. لقد سجنوا هناك ربما بسبب عدم إطاعتهم للأوامر. وقال علي : "كان الجنود يفترشون بطانيات ويجلسون في الوسط. لقد أخذوهم إلى خارج المستودع ثم سمعنا أصوات إطلاق النار. ربما أعدموهم وبعد ذلك بدأوا في إطلاق النار علينا." زوار أخذ الزوار في الوصول إلى المجمع بأعداد صغيرة صباح الأحد، لقد كانوا خليطا من السكان المحليين والثوار المسلحين وقد استولى عليهم الغضب بسبب ما حدث داخل المستودع. بعضهم أغلق فاه أو أنفه حتى لا يشم الروائح النتنة المنبعثة منه. أحدهم سقط مغشيا عليه من شدة الحزن وسارع إليه آخرون لمساعدته على الوقوف ومغادرة المكان. وعلمنا الآن أن هذا المستودع هو المكان الذي احتجز فيه فريق بي بي سي في مارس/آذار الماضي. وتعرض فريق بي بي سي خلال احتجازه إلى الضرب وعمليات إعدام وهمية. وقد عاد الأحد إلى المستودع، كريس كوب سميث وهو أحد أعضاء فريق بي بي سي الذي كان محتجزا هناك. قال سميث "لقد قضينا معظم الليل في تلك الزنزانة. لا بد وأنني كنت أشعر بمرور كل ثانية. بالتأكيد سمعنا المعتقلين وهم يضربون وينقلون عبر مختلف أرجاء المجمع." وتابع قائلا "ربما إذا كنا موجودين هناك عند نهاية النزاع، كانت العواقب ستكون مختلفة بالنسبة إلينا." وقال سكان محليون : إن المناطق المحيطة بمعسكر خميس كانت معروفة بأنها أماكن للإعدام والقتل.