إذا ما نظرنا لظاهرة خسوف القمر التي ستحدث الليلة حسب توقعات الجمعية الفلكية بجدة، سنجد أننا أمام حدث نادر في التاريخ لم يحدث في مملكتنا منذ أربعين عاماً، ويعد هذا الخسوف الكلي للقمر هو أحد الخسوفات الأكثر ظلمة حسب ما جاء في تقرير الجمعية، ولا شك أن للخسوف أسباب طبيعية، ولكنه بكل تأكيد له أسباب شرعية فالله تعالى يقول (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) ويقول تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) وجاء في صحيح النسائي عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله عز وجل يخوف بهما عباده)، ولهذا يجب علينا مراجعة حساباتنا، وسأوجه النصح لنفسي أولاً ولأهم أطراف المنظومة الرياضية من وجهة نظري وهما (الإعلام والجماهير)، ونسأل الله السلامة والمعافاة لنا جميعاً. • بعض إعلامنا الرياضي: سواءً كتّاباً أو مراسلين أو مقدمي برامج رياضية أو محللين أو غيرهم ممن ينتسبون للإعلام الرياضي قد جعلوا من أنفسهم أداة هدم وأبواق فتنة، فتجدهم يبحثون عن الفتنة أينما كانت وتحت مسمى (البحث عن الإثارة)، ووصل الأمر ببعضهم للتهديد لبعض منسوبي الأندية بطريقة (إما أن تغدق علي الهبات أو أشرشحك قدام الله وخلقه)، كما تجد البعض منهم يلبس الحق بالباطل ليحظى بالرضى من أطراف أخرى سيستفيد منها، ويحصل على الشهرة (المزيفة) التي سرعان ما يكتشف زيفها لدى القارىء الواعي والمنصف، ناهيك عن المحسوبيات التي يعج بها إعلامنا الرياضي (و أمسكلي أقطعلك) فلا يهمهم الكيف ويعيشون بمبدأ (يا بخت من نفّع واستنفع) إضافة إلى تعرضهم للآخرين (عمال على بطال) فالويل كل الويل لكاتبٍ أو ناقدٍ انتقد (النادي الفلاني) وهو لا ينتمي له، ستجد إعلاميي هذا النادي يتصدون له (ولو بالباطل) وليتهم يردون عليه في نفس موضوع الانتقاد بل يتوجهون لمهاجمته في شخصة ويفندون عيوب ناديه ويسعون للتقليل من شأنه من مبدأ (من دق الباب سمع الجواب) فتصبح المسألة بين من أسميهم (إعلاميي الأندية) أشبه ب (الردح) دون خشيةٍ من الله ثم من يوم تشخص فيه الأبصار. • بعض جماهير الأندية: ممن أوصلهم التعصب لأنديتهم لتوجيه التهم لغيرهم دون دليل، وما يحدث من شتم وقذف وعنصرية مقيتة تجاه الآخرين، فتجدهم لمجرد أن فلاناً انتقد ناديهم يكيلون له السباب والقذف إضافةً للتشهير به في أمورٍ شخصية (انتصاراً لناديهم)، ناهيك عما يحدث من تصرفات وأفعال مخجلة كرفع اللافتات المسيئة والتلويح بالنقود وترديد العبارات التي تشهر بالآخرين سواءً لاعبين أو إداريين أو فنيين والقفز من فوق السور للدخول للملعب بغير حق وغيرها من تصرفات لا تمثّل أخلاقياتنا الإسلامية، والمنتديات وما أدراك ما المنتديات وما يكتبه البعض بأسماء مستعارة من اتهامات واستهزاء مقيت تجاه الآخرين لمجرد أنهم لم يوافقوا أهواءهم ولم (يعوموا على عومهم) فيكيلون لهم الشتائم ويتعرضون لشخصهم وينعتونهم بألقاب عنصرية بغيضة، دون مخافةٍ من الله الذي ما ترك صغيرةٍ ولا كبيرة إلا أحصاها، والمخجل أنهم يصنعون ذلك ظناً منهم أنهم (لن يعرفوا) وقد نسوا أو تناسوا أن الله يعلمهم وسيحاسبهم على أقوالهم التي ما أنزل الله بها من سلطان، فعلى هؤلاء أن يستفيقوا ولا يأمنوا غضبة المنتقم الجبار المطلع ويحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا. • كم تمنيت لو تم تأجيل اللقاء الجماهيري بين الهلال والاتحاد ليوم غدٍ الخميس، فاللقاء سيقام في عز لحظات الخسوف وستجد العديد من الجماهير ممن تأخذهم الحماسة (الزائدة) و(العصبية) يشتمون هذا اللاعب أو ذاك الحكم أو يتبادلون الشتائم فيما بينهم، ونحن أحوج ما نكون في تلك اللحظات للدعاء والابتهال إلى الله والاستغفار علّه سبحانه وتعالى يكشف عنّا هذه الغمّة. على الهامش قد يقول قائل إنّ هناك أمورتً مؤسفة تحدث في غير الرياضة وهي اشدّ وأعظم بكثير مما يحدث في عالم الرياضة، فأقول صدقت، ولكن المجتمع الرياضي جزء لا يتجزأ من المجتمع ككل، ولكني هنا أناقش الشأن الرياضي بحكم الاختصاص وأدع المختصين في بقية الشؤون الأخرى ليتناولوا بقية الجوانب كلٌ في إختصاصه، ولا أجد مناسبةً جديرة بالتناصح فيما بيننا كهذه المناسبة، فالله سبحانه يخوّفنا بخسوف القمر ويذكرنا بذنوبنا وأخطائنا لنتداركها علّنا ننتهي ونتوب فهل نحن منتهون؟.