تصاعدت الخلافات بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة خلال الساعات القليلة الماضية بشان معاينة الأزمة المالية والنقدية التي تعصف بأسواق المال العالمية ولا تزال تهدد الأسس الاقتصادية للعديد من الدول والمؤسسات . وأعلن كبار المسئولين الأوروبيين في بروكسل رفضهم الصريح لاعتماد أية خطة محددة لإنقاذ أسواق المال في هذه المرحلة وبشكل مباشر . وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الأوروبية في مداخلة له أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل إن الاستمرار في سياسة التساهل تجاه أسواق المال والتغافل عن الهفوات الخطيرة المرتكبة يعد خطأ جسيما من شأنه إلحاق ضرر كبير باستقرار النظام النقدي كما انه عمل مناف للمنطق . وقال الوزير الفرنسي للنواب الأوروبيين انه حان الوقت للجم توجهات الجشع لدى المتعاملين الماليين والمضاربين . ولكن ورغم هذه التصريحات المناهضة لأي تدخل لإنقاذ المؤسسات المصرفية فان الاتحاد الأوروبي لم يقدم حتى الآن أي خطط بديلة . ويواجه التكتل الأوروبي خلافات وانقسامات فعلية حول هذه النقطة الحيوية وفي وقت لا زالت فيه أسواق المال الأوروبية تبدي ارتعاشا واضطربا فعليين . وانقسم التكتل الأوروبي ومنذ بداية الأزمة المالية والنقدية الحالية إلى معسكرين متضاربين الأول تتزعمه المستشارة الألمانية انجيلا مركيل ويدعو إلى فرض رقابة صارمة على الأسواق المالية وأنشطة المضاربين والتحقق من كافة الأنشطة النقدية والمصرفية ولجم الجوانب المشتبه فيها . ويتعارض هذا الموقف مع التوجهات الليبرالية المتبعة من قبل بعض الدول الأخرى وخاصة بريطانيا التي ترفض أي تدخل للحكومات في توجيه الأسواق المالية والمؤسسات النقدية والمصرفية . ويقول المسئولون الأوروبيون إن الاتحاد الأوروبي سيتخذ بعض الإجراءات المحددة للمساعدة على احتواء الأزمة النقدية الحالية ولكنه لن يعتمد أية خطة إنقاذ شبيهة بالخطة الأمريكية . وقال مفوض شؤون النقد الأوروبي يواخين المونيا للنواب الأوروبيين في بروكسل إن التباين في معاينة الأزمة النقدية وأزمة المؤسسات المصرفية بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي تعود لكون تداعيات هذه الأزمة تضل أقل خطورة في أوروبا . وقال المفوض الأوروبي إن الأزمة تضل مدعاة للقلق بسبب تأثيرها على البنية الاقتصادية وتسببها في تراجع ثقة المؤسسات والمستهلكين وما ينتج عنه من انخفاض لوتيرة الطلب وانكماش للنمو . ويتضح حاليا أن كبار المسئولين والنقديين الأوروبيين متفقون على ترك هامش للأسواق المالية الأوروبية والمؤسسات النقدية لتقوم بتحديد وسائل الرد على الأزمة واحتوائها بطرقها الخاصة .. كما قرر الاتحاد الأوروبي تكريس مبلغ من ثلاثين مليار يورو لدعم المؤسسات الأوروبية وتمكينها من السيولة الضرورية وعبر خطوط مالية سيقوم المصرف الأوروبي للاستثمار بالإفراج عنها بشكل طارئ . ومن المقرر أن يعتمد الاتحاد الأوروبي خارطة طريق خلال الفترة المقبلة لتحديد ضوابط لمراقبة أسواق المال وتحديد آليات العمل بينها وبين المؤسسات النقدية والمصرفية وشركات التامين الكبرى . ويقوم القسم النقدي بالمفوضية الأوروبية في بروكسل حاليا بإعداد عدد من أوراق العمل المحددة لمراقبة الأنشطة النقدية والمصرفية ستعرض خلال قمة الاتحاد الأوروبي المقررة منتصف الشهر المقبل على مستوى رؤساء الدول والحكومات .. كما أعلنت المفوضية الأوروبية والرئاسة الدورية للاتحاد عن تأييد فكرة عقد مؤتمر دولي قبل نهاية العام الجاري لمعاينة أزمة أسواق المال . ولم يتحدد بعد عدد الجهات التي ستدعى إلى هذا المؤتمر والذي قد يجمع الدول الصناعية الثمانية الكبرى إلى جانب كل من الهند والصين .. كما دعا رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه بارزو الذي يقوم حاليا بزيارة إلى الولاياتالمتحدة إلى اعتماد ما سماه بأجندة أوروبية أمريكية لمواجهة العولمة وإرساء ضوابط للتحكم في مختلف تداعياتها .