جدة بخيت آل طالع _ تصوير: المحرر : ترويض المرعب.. هذا هو الانطباع الذي خرجت به مؤخراً، وأنا أغادر مع زملائي الصحفيين فعاليات اجتماعات الورشة التدريبية للتوعية بمرض (الإيدز) تحت عنوان (من أجل التفاعل الايجابي مع قضايا الإيدز).. التي نظمتها الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الإيدز، بالتعان مع البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة والمكتب الاقليمي للأمم المتحدة الانمائي في دورته الثانية، وذلك بفندق «إيلاف» في جدة. لحظات درامية ولعل من اللحظات الدرامية في (الورشة) بل هي ذروة المناسبة، عندما كنا جلوساً نستمع إلى حكايات عدد من مصابي الإيدز، وهم يتحدثون أمامنا، ومن على منبر المناسبة عن حكاية إصابتهم بهذا المرض، أنا استمعت إلى سيدتين الأولى هي أم ياسر، والثانية هي أم يوسف.. ودعوني هنا انقل لكم ما قالته أمامنا الأخت أم يوسف: تقول أصبت بالإيدز قبل عشر سنوات، عن طريق زوجي رحمه الله وغفر له، وتضيف: كنا نسمع عن الإيدز منذ سنوات طويلة، لقد كان مرضاً موحشاً، مرعباً ومذهلاً، وكنا نسمع أن من يصاب بالإيدز فإن ذلك يعني نهاية العالم!!.. وعندما عرفت أنني مصابة بالإيدز قبل عشر سنوات عشت لحظات طويلة وأنا محطمة، لكن بفضل الله أولاً ثم بجهود أهلي والمستشفى، فقد تجاوزت ذلك الشعور الرهيب، وأنا اليوم أمامكم كما ترونني أعيش بعيداً عن الاحباط ولله الحمد. وقالت أم يوسف، مواصلة حكايتها مع الإيدز: في البداية كنت أتوقع أنني سوف أموت في أية لحظة، لأنني مصابة بالإيدز، لكن سرعان ما عرفت أن كل ذلك معلومات مغلوطة في عقول الناس، وقد كان لوقفة الأطباء معنا اثر واضح في تجاوز صدمة اصابتنا بالإيدز نحن المرضى ولكم أن تصدقوا أنني قد نسيت أنني مصابة بالإيدز، أنا لا أتذكر ذلك إلا عند حلول موعد مراجعتي للمستشفى، لقد حصلنا على أحدث علاج وما زلنا نتعالج، وحصلنا على محاضرات توعوية نفسية وصحية مكثفة، ازاحت عنا هول الصدمة، وبذلت الدكتورة سناء فلبمان والأخ موسى هيازع (مدير ونائب) مجلس إدارة الجمعية السعودية الخيرية للإيدز جهوداً مضنية لانتشالنا من فزع الإيدز. وختمت الأخت أم يوسف حديثها لنا: بعتاب إلى الإعلام وقالت: نحن لسنا متسولين على الإعلام، إن لنا حقوقاً نتطلع إلى الحصول عليها، ويجب على الإعلام أن يكرس شراكة مهمة في هذا الميدان لكي يساعدنا. الأقل إصابة وتحدثت ل(البلاد) الدكتورة سناء فلمبان رئيسة مجلس إدارة الجمعية الخيرية لمرضى الإيدز.. فقالت: نحن ضمن الدول الأقل إصابة بالإيدز، ويجب علينا العمل باجتهاد للمحافظة وبقاء المملكة ضمن الدول إصابة، لأننا نمتلك المقومات التي تساعدنا للحد من انتشار المرض، مثل الإمكانات المادية، والعلاج، والمستشفيات، والخدمات النفسية والصحية والاجتماعية. وأضافت: ولكننا بحاجة إلى تحفيز أفراد المجتمع للاستفادة من هذه الخدمات، وعادت الدكتورة سناء لتأكد أن الفئة التي تصاب بالمرض هي فئة الشباب، ولكن الجميع قد يكون عرضة للمرض. وقالت الدكتورة سناء: إننا نكتشف عدداً من حالات الإصابة بمرض الإيدز بالصدفة، فمثلاً عند عملية الفحص قبل الزواج تظهر فحوصات بعض الناس أنهم مصابون بالإيدز، وكذلك يكون الاكتشاف المسوحات الطبية (الدراسات الميدانية والعينات العشوائية) مثل غسل الكلى، والتبرع بالدم، وأيضاً مرضى الدرن نجد أن بعضهم مصاب بالإيدز. وختمت الدكتورة فلمبان قائلة: إن عدداً كبيراً من المرضى حالياً يتواصلون مع العلاج، ولدينا أحدث العلاجات في العالم، ولا يعني أنك مصاب بالإيدز ستموت حالاً، أو حتى غداً، بل إن هناك علاجاً، وهذا العلاج نقدمه لمرضانا، وقد أعطى نتائج طيبة ولله الحمد. وبعد ذلك قامت الدكتورة فلمبان بتكليف من وضع أمامنا الموقع الإلكتروني الذي يمكن من خلاله للإعلام وللمجتمع أن يتواصل مع معلومات دقيقة عن الإيدز.. واسم الموقع هو: www.moh.org.sa/aids. نظرة المجتمع وتقول الأستاذة إيمان السالمي اخصائية نفسية إن أهم مشكلات المصابين بالإيدز هي نظرة المجتمع النافرة عنهم وكذلك عدم قبول المجتمع لهذه الفئة بالشكل المطلوب، وخوف المجتمع كذلك من المصابين بالإيدز حيث لا يشتركون ولا يشاركونهم أي جلسات أو مداخلات حياتية، ويظل الشك والريبة هو السائد ومحكم العلاقات بين الطرفين. حقوق المرضى ويقول الأستاذ موسى بن يحيى هيازع نائب مدير جمعية الإيدز بجدة: إن هذا المؤتمر فرصة رائعة جداً ووجدنا مع الصحافة لايصال المعلومة الصحيحة للمجتمع عن المرض من حيث أسبابه وطرق الوقاية منه، وهناك أمر مهم جداً وهو ما يجب علينا جميعاً كمجتمع أن نحمي هؤلاء المرضى ونحفظ حقوقهم، نحميهم من التمييز والوصم، ونحفظ حقوقهم كافة من حيث الدراسة والصحة والعمل. مداخلة وخلال المناسبة كان لي مداخلة أوضحت فيها مدى تقديرنا واعجابنا بشجاعة اخواننا واخواتنا مرضى الإيدز، أو ما صار يقال عنهم (المتعايشين مع الإيدز) ولعل قيامهم باعتلاء المنابر في المناسبات الصحية الرسمية، والحديث عن حكايتهم ومعايشتهم لهذا المرضى، دليل على شجاعة أدبية، وعلى القدرة على مواجهة الذات، ولا أقصد بمواجهة الذات محاسبتها، لأن غالبية أولئك أصيبوا بالإيدز رغماً عنهم، ولكنني أقصد مواجهة الذات والمرض بالاعتراف به، وعدم الرهاب منه، لأن ذلك سبيل إلى قهره والتغلب عليه بحول الله. وقلت إن ذلك دليل حي، ومؤشر واضح على النضج المجتمعي الذي وصلنا إليه، في أن نكون شفافين أكثر، وواقعيين أكبر، وهذه بداية الحل الصحيح، كما على الجهات الرسمية أن تبذل جهداً أكبر في التواصل مع الإعلام، من خلال نشر الأرقام الصحيحة (وتحديثها في كل مرة) عن المصابين بالإيدز في السعودية، وتحديد أي المناطق بها نسبة أكبر، وزيادة التوعيات للوقاية من هذا المرض المخيف، والعمل على استيعاب المجتمع (للمتعايشين مع الإيدز) ودمجهم في الحياة العامة بعيداً عن الوصم والتمييز.