يعكف فريق بحث من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية على تطوير محاصيل زراعية معدلة وراثيا يمكن أن تنمو في التربة عالية الملوحة،الأمر الذي يمكن أن يزيد في عملية إنتاج المحاصيل الزراعية مع الإقلال من كمية المياه العذبة اللازمة للري في المملكة العربية السعودية. واستخدم الفريق البحثي تقنيات حديثة في التحوير الوراثي وزراعة الأنسجة وتقنية الإكثار التقليدية ، حيث جرى انتقاء خزعة جزء من بلازما الخلية لنبات متقبل للملوحة مستورد للمملكة ؛ ليتم بعد ذلك استخدام تقنيات الحمض النووي المعاد دمجه ، ثم تحديد واستخلاص جينات متقبلة للملوحة من هذه النباتات ، ومن ثم استخدمت هذه الجينات لتوليد مجموعات مختلفة من المحاصيل الزراعية عالية التقبل للملوحة. وعمل الباحثون على تطوير باذنجان مناسب للزراعة في التربة عالية الملوحة ، حيث مر النبات بمرحلة نقل الجينات ، تبعتها عملية الانتشار المكروي ثم النمو في البيوت المحمية ، ليتم بعد ذلك إجراء الاختبار على هذا النبات وتعريضه لتجربة تحدي الملوحة ، حيث يعد الباذنجان المتقبل للملوحة من المنتجات الأكثر تقدماً التي تم تطويرها. ويمكن تطبيق النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي في المدينة على أنواع أخرى من النباتات لتوليد نباتات ذات جينات جديدة ملائمة للبيئة السعودية ، وبعد التوصل لهذه التطورات فإن الباحثين يعتقدون بأنها ستؤثر على الزراعة بطريقتين أساسيتين : الأولى : تتمثل في أنه يمكن للنباتات المتقبلة للملوحة استعادة إنتاجية التربة التي فقدت بسبب عملية الري لمدة طويلة. وتتمثل الطريقة الثانية في أن النباتات المتقبلة للملوحة يمكن أن يتم ريها بمياه البحر أو المياه شديدة الملوحة وهو ما يعد فرصة كبيرة لتوفير المياه العذبة لاستخدامات أخرى ، أو خلط جزء منها مع مياه البحر ، ومن ثم إيجاد تنمية زراعية كبرى عبر الاستفادة من مياه البحر في ري هذه النباتات ، خاصة في دول مثل المملكة العربية السعودية ومنطقة العالم العربي. وتعود أهمية المشروع البحثي حيث أوردت نشرة أخبار المدينة إلى كونه يعد حلاً عملياً ضمن عدد من الحلول المقترحة لمواكبة زيادة الطلب العالمي على الغذاء ، نظراً لزيادة النمو السكاني ، حيث تؤثر المياه الجوفية شديدة الملوحة في المملكة العربية السعودية والوطن العربي تأثيراً سلبياً على جودة المنتجات الزراعية وكميتها ، كما أن أكثر من 10 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية في العالم تفقد سنوياً بسبب الجفاف وتراكم الملح ، وتعد هذه المشكلة إحدى أهم العوامل في الحد من نمو النباتات وإنتاجية المحاصيل المنطقة والعالم. تجدر الإشارة إلى أن المحاصيل المقاومة للملوحة التي تم إنتاجها من قبل الباحثين في المدينة تملك آفاقاً واعدة لأجل التسويق التجاري في المملكة وغيرها ، حيث يقدر السوق العالمي للبذور المعدلة جينياً بأكثر من 6 مليارات دولار ، وغالبيتها العظمى حالياً محاصيل مقاومة للحشرات والأعشاب الضارة. ويشير الفريق إلى أن هناك اليوم قرابة 6ر1 هكتار من الأرض المروية في المملكة ، وعلى افتراض أن التصحر يتم بمعدل 17% من الأراضي المروية ( وفق دراسات سابقة) ، فمن المحتمل أن يعاني 275 ألف هكتار من الأراضي تقريباً من ظاهرة التصحر ، بما يعادل 19 مليون دولار أمريكي من حجم السوق العالمي للبذور المقاومة للملوحة. ونظراً للأهمية الاستراتيجية لتأمين الأغذية والحجم الصغير للشركات المبتدئة ؛ تدرب المدينة إنشاء شركات فرعية أو تابعة لتسويق تقنية البذور التي أنتجتها ، وتقدر لمدينة المنتج التجاري الأول بكلفة ( 3 4 ) ملايين ريال بهدف متابعة البحث والتطوير ، بالإضافة إلى التكلفة الإضافية التي تبلغ مليون ريال لأجل البيوت البلاستيكية اللازمة للإنتاج.