إذا كان غازي القصيبي (الوزير المرافق) فقد كنت مرافقا ل"الوزير المرافق" اقرأ موهبة الاكتساب المبكر له، في ذاته الحاضرة، وحضوره المختلف عليه، واختلاف الحضور حوله، وهو حضور وجداني، وعقلي، هما بمثابة تتويج لتفكيره الذاتي. أسوق هذه المقدمة، وقد فرغت لتوي من قراءة كتابه (الوزير المرافق) تلقيته اهداء من الابن "فيصل بن عبدالرحمن الشثري" فعكفت على قراءته، في مقاربة لمنهج مؤلفه، وأنا أتساءل:هل عالج الرجل مرافقته لبعض الشخصيات العالمية،من منظور البنيوية، التاريخية، والآيديولوجية؟ أم استبعدها، وجعل منها قضايا نظرية، متداخلة، ومتشابكة؟ من هذا المنظور أقدمتُ على قراءة الكتاب، غير متخلي عن استكناه البعد السيكولوجي (النفسي) للرجل، وقد شعرت أنه تعامل معه بوصفه بعدا مستقلا، ولحظة متميزة من لحظات التحليل، التي ميزته وهو يعالج في كتابه ثلاث قضايا: بنيوية، وتحليل تاريخي، وطرح آيديولوجي، أعني ذلك التراث الإنساني، الذي لا يمكن التوصل الى النموذج المناسب له، إلا من خلال حوار حميم، وعلاقة عميقة، ونزيهة، وهو ما نبه اليه المفكر العربي الكبير (محمد عابد الجابري رحمه الله) في كتابه "نحن والتراث". جمع "غازي القصيبي" بين دفتي كتابه (الوزير المرافق) ما يجعل القارئ ينصت لمواقف جمة، يراجعها بالبحث في مرجعياتها المعرفية، لأن الأمر أولا وأخيرا يتعلق بزعماء لهم مواقفهم الآيديولوجية، يُنْصت الناس لهم أحيانا، ويُحجمون عن الإنصات لهم أحيانا أخرى، والناس الفطنون يميزون عادة بين الزبد الذي يذهب "جفاء" وبين "ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" وفي كلتا الحالتين فإن "غازي" رصد مواقف، وحللها، وربطها بمتغيرات محلية ودولية، وحدد مفاهيمها، في بنية معرفية خاصة، وقدم هذه المواقف بصورة توحي بأن مفهوم الزعامة، يعود الى اصله أحيانا، ولا يتجاوز الزعيم أحيانا أخرى، وليس هناك ما هو أكثر إثارة لسوء التفاهم، وظهور المشكلات، من عدم تحديد المفاهيم. من يقرأ كتاب غازي القصيبي (الوزير المرافق) يدرك ان هناك اختلافا، في مفاهيم من رافقهم بوصفه مفكرا سعوديا، له مرجعية لغوية معرفية واحدة، لا تحتاج لأن تعيد النظر فيها، أو تعيد التفكير في مضامينها. المجال لا يتسع لأكثر مما قلت ف"عكاظ" تطالبني بأربعمائة كلمة فقط، وليتها تلزم غيري بما ألزمتني به. بريد الكتروني: [email protected] فاكس: 014543856