لا أعتقد أن هناك قصيدة ذاع صيتها واهتم بها الشعراء كما اهتموا بقصيدة "البوصيري" التي يقول في مطلعها: ياليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده رقد السمار فأرقه أسف للبين يردده ولهذه الشهرة والمكانة للقصيدة عارضها العديد من الشعراء فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي عارضها في أجمل قصائده. مضناك جفاه مرقده وبكاه ورحم عوده حيران القلب معذبه مقروح الجفن مسهده إلى أن يقول : جحدت عيناك زكي دمي أكذلك خدك يجحده قد عز شهودي إذ رمتا فأشرت لخدك أشهده وهناك معارضة ابن مليك الحموي التي يقول فيها : لحظ يسبيك مقلده أم سيف شاقك مغمده وقوام زاهٍ معتدل يعتز به أم أملده كما عارضها نجم الدين القمراوي في قوله: قد مل مريضك عوده ورنى لا سيرك حسده لم يبق جفاك سوى نفس زفرات الشوق تصعده ومعارضة اسماعيل الزبيدي اليماني : في المهجة أضحى معهده فلذا في الغيبة تشهده وهناك معارضة ناصح الدين الاريحاني وشمس الدين الحسيني الشهير بالحصري الدمشقي، ومعارضة احمد بن محمد الانصاري الصعيدي، وولي الدين يكن وجبران وغيرهم من الشعراء وان كنت اتوقف عند معارضة الشاعر الساخر بيرم التونسي: يقول فيها: اليوم الأسعد مولده مصباح الدهر وسيده البدر الباهر مطلعه والبحر السائغ مورده فقي يعارض بدرة رصينة وهذا شاعرنا الكبير المرحوم السيد محمد حسن فقي له هذه المعارضة التي كتبها في صفر من عام 1348ه أي قبل ثلاثة وثمانين عاماً لنقرأ هذه الدرة من الشعر الرصين. يا من لفؤادي ينجده من لحظ جار مهنده بأبي ظبى يرتاع إذا جاء العاني يتزوده لا الصبر يروق لديه ولا بث الأشواق يودده قد راش السهم ومقصده قتلى عمد سلمت يده يا عاذل كُفَّ اللوم فقد لذ المشتاق تسهده *** يا من سفكت عيناه دمي جرحي إحسانك يضمده اشقى الهجران الصب فهل ياريم بوصلك تسعده؟ أدرك نفساً لم يبق بها إلا نفس وتردده أوقات اللذة قد رحلت والعيش تولى أرغده والطرف لكثرة ما أجري من دمع بيض أسوده عطفاً بالله على مضنى بالٍ فالوصل يجدده يبغى السلوان فيمنعه سيف للحظ يجرده *** يامن بفؤادي مسكنه قلبي قد زاد توقده خذ حذرك واطف تلهبه فمياه الثغر تبرده واسمح بالله بتقبيلي خدًّا قد زان تورده عودت الصب مجاملة والمرء وما يتعوده *** قسماً بالثغر وكوثره وبدرًّ رطب أعهده وبذاك الصدغ وما يحوي من حسن يطرب مشهده وبذاك القد إذا ما اهتز فهز قلوباً أملده ما خنت هواك ولا جنحت نفسي لسواك أمجده