التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض امس الثلاثاء في مسعى لإظهار أنهما طويا صفحة فترة عاصفة غير معهودة في العلاقات بين واشنطن وحليفتها الوثيقة. ومن غير المنتظر حدوث انفراجة واسعة. لكن الاجتماع الذي تأجل قبل شهر إثر غارة إسرائيلية على أسطول مساعدات كان متجها إلى غزة في هجوم أسفر عن سقوط قتلى ربما يكون اختبارا لقدرة أوباما على التغلب على التوترات الأخيرة مع نتنياهو والعمل معه على استئناف محادثات السلام المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين والمتوقفة منذ فترة طويلة. ومن غير المرجح أن يجازف أوباما بصدام دبلوماسي آخر مع نتنياهو في وقت يقترب فيه موعد إجراء انتخابات حاسمة في الكونجرس الأمريكي في نوفمبر تشرين الثاني وتبرز فيه المشاعر المؤيدة لإسرائيل بين المشرعين والناخبين الأمريكيين. وفي زيارة نظمت أحداثها بعناية بالغة ووصفها بعض المحللين بأنها زيارة "تجميل" رتب مساعدو أوباما تغطية صحفية في ختام محادثات المكتب البيضاوي حين سيسلط الضوء على كل صغيرة وكبيرة. وسيحضر الزعيمان بعد ذلك مأدبة غداء بالبيت الأبيض. وفي المرة السابقة لم تعقد جلسة لالتقاط الصور ولم تقم مأدبة لنتنياهو فيما أبرز تدنيا في مستوى العلاقات مع أوباما. وتبددت في الآونة الأخيرة البرودة غير المعهودة في العلاقات بين الجانبين واستخدم أوباما لهجة أكثر ودا في حين أبدى نتنياهو بوادر مصالحة. ووجد الزعيمان أيضا أرضية مشتركة تمثلت في معارضة البرنامج النووي الإيراني الذي سيبرز بقوة في جدول أعمال اليوم. وفي البيت الأبيض يعتزم نتنياهو طمأنة أوباما إلى أنه يريد تطوير المحادثات غير المباشرة مع الفلسطينيين إلى مفاوضات مباشرة وهي خطوة يراها الرئيس الأمريكي ضرورية لتحقيق هدف قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وقال نتنياهو الأسبوع الماضي "أنا مستعد للقاء الرئيس (الفلسطيني محمود) عباس اليوم وغدا وبعد غد في أي مكان." وفي حين يؤكد مستشارو أوباما انحسار الخلافات يقول زعماء فلسطينيون إن المحادثات التي تجري ببطء بوساطة أمريكية لم تحقق بعد تقدما كافيا يبرر البدء في مفاوضات مباشرة. ومن الأسئلة العالقة البارزة في عملية السلام الهشة هل سيمدد نتنياهو بعد سبتمبر أيلول وقفا لمدة عشرة أشهر للبدء في عمليات البناء الجديدة بالمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية .. ذلك التجميد المحدود الذي لم يقبله إلا تحت ضغط من أوباما. لكن مثل هذه الخطوة ستشكل ضغوطا على ائتلاف نتنياهو الحاكم الذي يشمل حزبا رئيسيا من أقصى اليمين. ويؤكد مساعدو أوباما أن المحادثات مع نتنياهو لن تخوض في تفصيلات من هذا النوع وإنما ستركز على أهداف أعم لعملية السلام. ودفع عملية السلام قدما أمر محوري لجدول أعمال أوباما فيما يخص إصلاح علاقات بلاده مع العالم الإسلامي والتي شابها التوتر بسبب الحرب في العراق وأفغانستان. وكان من المقرر أصلا قيام نتنياهو بالزيارة في الأول من يونيو حزيران. وألغي ذلك الاجتماع بعد الغارة الإسرائيلية على سفينة مساعدات متجهة لغزة في 31 مايو آيار في هجوم أثار استياء دوليا ودفع إسرائيل لتخفيف حصارها للقطاع الساحلي الذي تحكمه حماس. ومن المتوقع أن يحث أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلي على اتخاذ مزيد من الخطوات لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية والسلع المدنية إلى غزة التي وصف الوضع بها بأنه غير قابل للاستمرار. لكن أوباما قلص المساحة المتاحة للمناورة أمام إسرائيل. وأملا في تجنيب حزبه الديمقراطي خسائر كبيرة في انتخابات التجديد النصفي يسعى أوباما لعدم إعطاء الجمهوريين سلاحا يمكنهم من إثارة شكوك الجماهير إزاء التزامه تجاه إسرائيل. وعملت الإدارة الأمريكية جاهدة لتخفيف لهجتها تجاه نتنياهو بعد ثورة الغضب الدبلوماسي التي أثارها إعلان إسرائيل في التاسع من مارس وخلال زيارة كان يقوم بها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن خطط لإنشاء 1600 وحدة استيطانية إضافية في منطقة بالضفة الغربية ضمتها إسرائيل إلى القدس. ومن جانبه يحرص نتنياهو على أن يظهر للإسرائيليين أن العلاقات مع حليفتهم الكبرى عادت إلى مجراها وإن كان سيحجم عن إبداء أي استعداد لتقديم تنازلات كبرى من شأنها أن تثير غضب الأحزاب المؤيدة للاستيطان في ائتلافه الحكومي الهش.