رفع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن بن حمد العطية التهنئة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس ولشعوب المجلس بمناسبة ذكرى مرور 29عاما على قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقال العطية في الحفل الذي نظمته الأمانة في الرياض امس الاول "إنه في مثل هذا اليوم قبل تسعة وعشرين عاماً بزغ فجرٌ جديدٌ على هذه المنطقة فاتحاً آمالاً كباراً لأهل الخليج والمتتبع لمسيرة دول المجلس يدرك الحكمة والعزيمة التي يتحلى بها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في رعايتهم ودعمهم لمسيرة المجلس منذ انطلاقتها الأولى في مايو 1981، وحرصهم ، حفظهم الله على حمايتها من المعوقات والتحديات التي اعترضتها في مختلف المراحل. وأضاف أن الأمانة إذ تحتفي اليوم بالذكرى السنوية التاسعة والعشرين لتأسيس هذا الكيان الشامخ، وقد تجاوز مرحلة التنسيق إلى مرحلة التكامل، فإنه يمكننا القول بأن مجلس المجلس أصبح اليوم أكثر تماسكاً من أي وقت مضى، حيث تشابكت مصالح دوله وشعوبه، وتوثقت عرى الروابط بينهم، حتى أصبح المجلس بمؤسساته وإنجازاته شأناً يومياً للمسؤول والمواطن في الدول الأعضاء، كما أن المسيرة ذاتها قد صقلتها التجربة والخبرة. ولفت النظر إلى انه مع إكمال المجلس عقده الثالث فإنه غدا تجمعاً فاعلاً بمصداقية عالية وثقل استراتيجي، إقليمياً ودولياً، يتعامل مع العالم انطلاقاً من أسس وثوابت حسن الجوار، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم القضايا العربية والإسلامية، وتعزيز العلاقات مع الدول والمجموعات الدولية ، وهي سياسة تعتمد على التفاعل الإيجابي مع القضايا الدولية، وموضع احترام الأسرة الدولية، وأضافت الكثير إلى رصيد المجلس من المكانة العالمية. وأشار إلى أن دول المجلس تتبنى مواقف موحّدة تجاه العديد من القضايا السياسية، فهي تدعم حق السيادة لدولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث المحتلة، طنب الكبرى، طنب الصغرى ، وأبو موسى، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة، ودعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الاستجابة لمساعي دولة الإمارات والمجتمع الدولي لحل هذا الخلاف عن طريق التفاوض المباشر أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. وأفاد أنه فيما يتعلق بأزمة الملف النووي الإيراني، فإن دول المجلس تؤكد على أهمية الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وتدعو إلى ضرورة التوصل إلى حل سلمي للملف النووي الإيراني، مع الإقرار بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية وتحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما تدعو إلى جعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج، خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل ، وتطالب إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي. أما في الشأن العراقي،فأبان أن دول المجلس تدعو الأشقاء العراقيين إلى الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية، تحفظ للعراق الشقيق أمنه واستقلاله، ووحدة ترابه، وهويته العربية، وتبعد عنه التدخلات الخارجية. ونحن وتتطلع إلى أن يستعيد العراق الشقيق عافيته واستقراره. وبين أنه فيما يتصل بالقضية الفلسطينية والسلام في الشرق الأوسط، فإن دول المجلس تكرس جهودها لدعم حق الشعب الفلسطيني في المحافل الإقليمية والدولية لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتدين سياسة الاستيطان الإسرائيلية. وانطلاقاً من دعمها للسلام كخيار استراتيجي عربي، فإن دول المجلس تدعم المبادرات الرامية لإيجاد حل عادل وشامل للصراع العربي الإسرائيلي، وفي مقدمتها مبادرة السلام العربية، التي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002م. وعلى الساحة الدولية أجرت دول المجلس خلال السنوات الماضية العديد من الحوارات الهامة مع المجموعات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها الاتحاد الأوربي، كما أجرت حواراً إستراتيجياً مع الجمهورية التركية، وروسيا الاتحادية، وهي بصدد بدء حوار استراتيجي مع أستراليا. أما في المجال الاقتصادي، فأوضح أن دول المجلس عملت على تطبيق بنود الاتحاد الجمركي الذي أقامته في مطلع يناير 2003م مما كان له الأثر الكبير في زيادة معدلات التجارة البينية بمعدل نمو سنوي بلغ 27% خلال السنوات الست التي تلت قيام الإتحاد، مقارنة بمعدل نمو سنوي بلغ 4,6% خلال السنوات العشر السابقة لقيام الاتحاد، وتلك زيادة فاقت التوقعات. وفي قمة الدوحة 2007م، تم الإعلان عن قيام السوق الخليجية المشتركة بمساراتها العشرة، لتعمق المواطنة الاقتصادية بين دول المجلس وتضعها في إطار تشريعي شامل، بما يحقق المساواة في التنقل والإقامة والعمل والتملك ومزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، ومعاملة مواطني دول المجلس في كافة المجالات الاقتصادية ، في أي دولة عضو، معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز. وفي مجال الطاقة والربط الكهربائي دشّن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس في قمتهم الأخيرة بدولة الكويت مشروع الربط الكهربائي لدول المجلس، وهو احد أهم مشاريع التكامل الكبرى التي أنجزها المجلس. كما اعتمد المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في قمة الكويت استكمال الدراسات الخاصة بمشروع سكة حديد دول المجلس، وإنشاء هيئة خليجية للإشراف على تنفيذ المشروع، ووجّه لجنة وزراء النقل والمواصلات بتكثيف الجهود لانجاز المشروع. وأفاد العطية أن دول المجلس سارعت إلى التحرك جماعياً والتنسيق فيما بينها لتدارك تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وفيما يتعلق بمشروع استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، قرر المجلس الأعلى في دورته الثلاثين تفعيل نتائج الاجتماعات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذا الخصوص، تحقيقاً للأهداف المرسومة لهذا المشروع الحيوي ، وتنمية خطط العمل في ذلك. وفي مجال التعاون الأمني، حققت دول المجلس من الانجازات ما يشمل مختلف القطاعات، وهي نتاج اجتماعات ولقاءات أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية ، وسعيهم الحثيث للتكامل الأمني، وتشمل تلك الانجازات تحديث وتطوير الاستراتيجية الأمنية الشاملة في العام 2008، وإنشاء لجنة التخطيط الاستراتيجي، والتوقيع على اتفاقية مكافحة الإرهاب، واعتماد النظام الأساسي لمركز المعلومات الجنائية لمكافحة المخدرات. وأضاف أنه حماية للمنجزات الاقتصادية وبالأخص في المجال الصناعي، اعتمد المجلس الأعلى في دورته الرابعة والعشرين، التي عقدت عام 2003م بدولة الكويت، النظام الموحد لمكافحة الإغراق والتدابير التعويضية والوقائية لدول المجلس كقانون إلزامي حفاظاً على الصناعات المحلية من الممارسات الضارة في التجارة الدولية في ظل التوجهات العالمية لمنظمة التجارة العالمية ، وانفتاح الأسواق، والحرية الاقتصادية، وحماية المكتسبات التي تحققت للصناعات الخليجية، ودعم موقعها التصديري في خارطة التجارة الدولية. وأكد الأمين العام للمجلس أن مجلس التعاون أصبح قوة تفاوضية قادرة على إيجاد شروط أفضل وظروف متكافئة في التعامل الاقتصادي الدولي ،فتوصلت دول المجلس في يونيو 2009 إلى توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع رابطة التجارة الحرة الأوربية التي تضم كلا من سويسرا والنرويج وأيسلندا وليختنشتاين، وكذلك التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس ونيوزلندا في أكتوبر 2009. كما حققت مفاوضات التجارة الحرة تقدماً ملموساً مع كل من أستراليا وكوريا واليابان والصين ومجموعة ميركوسور في أمريكا الجنوبية. وبين أنه فيما يتعلق بمفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوربي، ونظراً لعدم حدوث أي تقدم لتمسك الجانب الأوربي بمواقفه السابقة قامت دول المجلس بتعليق المفاوضات. ويتواصل التعاون مع الجانب الأوربي في إطار تنفيذ الاتفاقية الإطارية لعام 1988. و عقد الاجتماع الوزاري المشترك تسعة عشر اجتماعاً حتى الآن. وقال إن مجال التنسيق العسكري حظي التعاون في مجالات الشؤون العسكرية باهتمام دائم ومستمر من أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس منذ بداية المسيرة المباركة انطلاقاً من القناعة الراسخة بوحدة المصير، حيث تمكنت دول المجلس من تحقيق العديد من الإنجازات وعلى رأسها اتفاقية الدفاع المشترك وتشكيل قوات درع الجزيرة. وفي المجال الإعلامي سعت الأمانة العامة إلى تفعيل العمل الإعلامي المشترك ليتواكب مع ما يشهده العالم من تطور، وسائل الاتصال، بوضع أنظمة تراعي الأهداف الأساسية لمجلس التعاون في مجالات الإذاعة والتلفزيون والصحافة ووكالات الأنباء والمطبوعات والإعلام الخارجي وتحقيق المواطنة في العمل الإعلامي. وأفاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن المجلس الأعلى أقر في دورته التاسعة والعشرين، التي عقدت في مسقط في ديسمبر 2008م. إستراتيجية العمل الإعلامي المشترك على مدى السنوات العشر القادمة. كما اعتمد المجلس الوزاري التحرك الإعلامي الخارجي للسنوات العشر القادمة لتنفيذ أيام مجلس التعاون في أوروبا وآسيا وأستراليا، بعد نجاح فعاليات أيام مجلس التعاون في باريس 2004م، وبروكسل 2005م، وبرلين 2006م، ولاهاي 2007م، ومدريد 2008م، ورما 2009م ، وسوف تقام الفعاليات في مدينة لندن في شهر أكتوبر هذا العام، ويشارك فيها الأمين العام لمجلس التعاون، ونخبةٌ من الأكاديميين والاقتصاديين بدول المجلس ونظرائهم الأوربيين.