وصف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز, سفير المملكة لدى بريطانيا, جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة, بأنها جوهرة مضيئة في عقد مبادرات المليك العالمية والوطنية, لتأصيل الفكر والثقافة في المجتمع السعودي على أسس راسخة ومتينة ومستدامة, وتأكيد انتماء المملكة فكرياً وثقافياً إلى الأمة العربية والإسلامية وتواصلها مع ثقافات العالم أجمع. وقال سموه في تصريح له اليوم، بمناسبة تسليم الجائزة في دورتها الثالثة باليونسكو، أمس « أجد في هذه الجائزة أصداء وانعكاسات نفس الفكر المستنير الذي يدعو دائماً إلى الحوار المفتوح وتبادل الأفكار والانفتاح على العالم, وهي الأفكار نفسها التي تطرحها, بقوة وثقة, مبادرات أخرى لخادم الحرمين الشريفين, أيده الله, مثل مبادرتي الحوار الوطني والحوار بين الثقافات وغيرها». وأوضح سموه أن الترجمة كانت ركيزة جوهرية قامت عليها الحضارة الإسلامية, في عصرها الذهبي, حتى أثرت في حضارة العالم لمدة قاربت ألف سنة. وأكد سموه في ذلك الصدد أن إقامة حفل الجائزة في رحاب منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة « اليونسكو « في باريس, يعكس البعد والتقدير العالميين الذين باتت تحظى بهما عن جدارة واستحقاق. وقدّم سمو الأمير محمد بن نواف في ختام تصريحه، تهانيه بهذه المناسبة, إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «حفظه الله», وإلى القائمين على الجائزة وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز, رئيس مجلس أمناء جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة. كما قدم سموه تهنئته للفائزين بالجائزة, راجياً الله جل وعلا, لهم المزيد من التوفيق والسداد, وللجائزة تواصل النجاح والتقدم في تحقيق الأهداف السامية التي يرمي إليها الملك عبدالله بن عبدالعزيز «يحفظه الله»، وأن تكون منطلقاً لدور جديد متميز ينهض به العرب والمسلمون, متعاضدين مع كل شعوب الأرض, للإسهام في الحضارة الإنسانية لما فيه خير البشر جميعاً. افتتاح ملتقى الجائزة وكان معالي المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر قد افتتح الثلاثاء الماضي في مقر منظمة اليونسكو في باريس الملتقى الحواري الثالث عن « الترجمة ودورها في تعزيز التقارب بين الثقافات « ، الذي تنظمه مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالتعاون مع المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو «. وأوضح بن معمر أن كثيرا من كنوز المعرفة التي تشكل ثقافة عالمية مشتركة للجميع ما كانت لتعرف لولا الترجمة وجهود أناس مخلصين عملوا لإثراء المعارف العالمية بإسهامات جليلة علمية وأدبية .وقال:»إن هذا الملتقى يأتي لتعزيز هذه الفكرة ومنحها دفعة جديدة والتذكير بدور الترجمة في تجديد معارفنا وإثراء حياتنا عبر تقريب المسافات بين الحضارات المتنوعة ؛ ولأن المعرفة أحد غايات الإنسانية السامية أنشئت جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة ، التي تأتي في سياق دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات الإنسانية ، ضمن مبادراته الهادفة إلى بناء وتمتين جسور التواصل الثقافي بين الأمم ، سعيا لتجاوز الاختلاف الذي يولده الجهل والخوف ، وبهدف الوصول لعالم آمن مطمئن» . وأضاف «من هذا المنظور الإنساني والكوني الشامل تنطلق إستراتيجية مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بهذا المشروع العالمي للترجمة بطموحات تهدف إلى تأكيد الدور الثقافي في قضايا التنمية ، والاهتمام بتكامل الوسائل والوسائط المعرفية والثقافية وذلك من المنظور الذي يرتقي بكل حواس الإنسان وقدراته ، وتوسيع دائرة القراءة المستنيرة التي تدعو إلى قيم الحوار والتنوع ، وتشجيع الترجمة وإطلاق فعاليتها من منطق معرفة الآخر والتواصل معه، والاسهام في الحفاظ على التراث الحضاري والإسلامي المضيء ، كما تهدف إلى الإسهام في المنظمات الدولية والوطنية لدعم ثقافة التنوع الخلاق والإفادة من خبرات الآخرين والتعاون معهم في الأهداف الإنسانية المشتركة» . وقال فيصل بن معمر : «إننا في جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة نتطلع إلى أن تكون الجائزة إضافة نوعية لمشاريع الترجمة القائمة في العالم وأن تعطي أعمال الترجمة قوة دفع تستكمل الجهود السابقة والقائمة وترفدها بأعمال جديدة تعم فوائدها مجال الترجمة الحيوي الذي يشمل بدوره كل مجالات المعرفة الإنسانية الأخرى» . وشارك في الملتقى ثلاثة متحدثين هم رئيس قسم الأدب واللغة العربية بجامعة بكين الدكتور تشونغ جيكون ورئيسة قسم الثقافة بمنظمة اليونسكو كاتريا ستينو وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود الدكتورة هند السديري . وقد رأس الجلسة الدكتور ديمونيك بوديس مدير معهد العالم العربي في باريس . وأكد المشاركون أهمية الترجمة في تعزيز مفهوم الحوار بين الثقافات والتبادل الفكري والمعرفي بين شعوب العالم ومد جسور التواصل والوصول بالمعلومة إلى الآخر . وثمن المشاركون دور جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة في إحداث حراك معرفي وثقافي عالمي يهدف إلى تعزيز مفهوم الحوار بين الثقافات ، كما ناقش المشاركون أهمية الوسائل الفاعلة في دعم نشاط الترجمة والنهوض بمستواها من خلال عدة قنوات فكرية وجهات تعليمية ، و إشكالية المصطلح وكيفية تجاوزها والتأسيس لمعايير علمية للترجمة من وإلى اللغة العربية. كما دعا المشاركون إلى النهوض بالترجمة من وإلى اللغة العربية إلى مستويات أفضل؛ عبر استحداث ودعم المترجمين وبرامج ومؤسسات الترجمة، وتذليل كل الصعاب التي تواجه صناعة الترجمة لاسيما في الدول العربية . بالإضافة إلى ضرورة توحيد جهود الترجمة العربية تحت مظلة جامعة تحقق الترابط بين المؤسسات والأفراد؛ بما يضمن عدم تكرار الجهود أو تشتتها ، و تحديث وتطوير برامج التدريب المقدمة للمترجمين من المبتدئين وطلاب كليات اللغات في الجامعات العربية، وتعزيز دورهم في خدمة الحراك الثقافي والعلمي.