ينهك أقدامنا الرحيل عبر أزقة ماكرة يزرعها القدر كزهور حمراء يسيل منها اللون متوقدا مرتابا ليبحر تحت نوافذ أسدلت أحلامها في مواسم القيظ المتشبث بالمكان نزور الحلم نبحث عن أسماء تلك الطرقات المغدقة بكثافة تشبه رموش حسناوات أتين من جزر لا تنتمي للأسماء ولا للوجوه.. نختبيء من هاتف ينازع الصمت في أرواحنا .. يأبى انتظار الكلمات التي تعلق بذاكرة الريح التي لفحت الأبواب بصرخات مكتومة وخلفت وراءها نقوشا تحكي قصصا أتت من خيال صبية رسموا على الأرصفة أحلامهم . تتجهم الأماكن في أوقات لا تشبه حركات المد والجز ر .. تلوذ بصمت الموت حين تهجرها كائنات تتحدث بلغة ابتكرتها حضارات العالم الجديد الأماكن في الحلم تشبه نثرات الثلج وهي ترتحل كأوارق الخريف .. تسقط باستسلام ...وتموت بصمت تهتز أكواب القهوة على الموائد المترفة في أحياء تفتعل الزخرفة وتبهرج الأقنعة .. تقاوم المكان باحثة عن .. قيظ لا ينتمي لأماكن تجردت من الحلم المكان ..يتحول في بعض المواسم الى وشم .. و في بعضها الآخر يتنكر كزهور نبتت حين كانت الأزمان غافلة عن مسيرة الكون..بعض الأماكن تشبه انكسار الأرواح حين تلوذ بالخشوع ..وتعترف بالخطايا وبعضها الآخر.. يصيبها السأم فتبحث عن خيوط الضوء لتحلق حوله وتنتحر كالفراشات . في حيز لا يتسع الا لمنحنيات ضيقة يتلاقى المصير مع الارادة ... قد يتفقان على أماكن العبور وقد يتصادمان في عراك يشبه انقضاض أفعى على حمامة ... لينتصر في نهاية المعركة .. المصير .تكون الأماكن في قمة النشوة ..عندما يلقي القمر بياضا على زوايا تضم عشق الحياة وضعف القلوب..وتكون موغلة في الحماقة ..حين تأنف هجعات الفقراء المستندين على جدران بيوت عشقت موج البحر فاعتنقت عقيدة الملح .... ترحل الأماكن ..حين يغادرها حنو الحكايا والوجوه ... تمتد في هجرتها حتى يتواصل الأفق مع البحر .. تلتقط من الذكريات ألوانا .. تبعثرها وتجمعها لتحيك بها أطيافا تجمع قوس قزح وتضمه داخل فقاعة .. تلقيها في الماء لتخرج حورية تضج بالحكايا والوجوه ..في الأماكن .. يعبث التاريخ بذاكرة الشخوص المتنكرة خلف طغيان يشبه الموت ... حاسم وصارم في قسوته ... يصدر للآتي زفرات كالشهب ... ترمي ..وتبرق ..وتصيب... وتجلب الأمنيات لمن يحلمون بقدر لا يشبه أقدارهم .. في أماكن تشبه الحلم ... تقف متأملا ينتابك وجل وخشوع ... رهبة من الجمال تحيطك وترسم حولك هالة لتتحول في لحظات الى كائن يشبه الهواء ... يتنقل عبر مسامك كالبرد تدفئه نشوة الحلم وفي اماكن يتسارع فيها الوقت فتتحول الى كتاب يضج بالزمن ... والحكايا ... تلك أماكن رشحها القدر لتكون حدثا كونيا غير قابل للجدل...فهو يسير باتجاه منطقي في أماكن الحزن .. تحترق القلوب وتتحول الأحاديث إلى أنين يشبه اشتعال الأغصان واحتراق العشب ويصبح القدر ..قيظ يرتدي الأماكن المبللة بالدموع ليربت عليها في محاولة منه للتكفير ... تعشق الأماكن مواسمها ...في الربيع تحاور الأرض وتتملق الأشجار كي تشاركها احتفالات الزهور .. وفي الخريف تنكفيء على نفسها في عزلة متأنية تنتظر رحيل الرياح كي تتدفأ بالنور ... وفي الشتاء تهجع لدفء الجدران ...وتتدلل بالنوم حتى يحين موعد الفرح ... تستسلم الأماكن كثيرا للحياة ...تعشق الفرح بينما القدر يظللها ..بقيظ ..يترصد الحانات والمقاهي والأحاديث التي تتسلى بها البيوت ..في العيد ترقص الأماكن ليس فرحا ..بل فزعا من قيظ قد يحل وقت أن تكون أطباق الكعك قد وضعت على الشرفات كي تنتعش ببرودة الهواء وتكون ليالي السمر قد توزعت على الأرصفة وأمام شاشة التلفاز .. للقدر هيبة ..تهيمن على المكان والزمان .. والأماكن هزيلة ..لا يخلدها سوى صورة أو رسم أو كتاب .. الأماكن في مواسم القدر ... ترتدي حللا من قيظ *شاعرة وإعلامية سعودية [email protected]