بقلوب يعتصرها الألم، وألسُن ألجمتها فاجعة الفقد، تلقينا نبأ رحيل الصديق الصدوق الاستاذ أحمد محمود الصيرفي الذي وافته المنية في ارض الكنانة فرحل عن الفانية.. نعم رحل عن الفانية جبل الصبر ومعدن الوفاء بعد صراع طويل مع الداء العضال الذي عجز عن ان يلزمه السرير فكان مثالا للمؤمن الصابر راضيا بقضاء الله تعالى في الابتلاء.. لم يستسلم لدائه فكان دائم الابتسام هاشا باشا، دائم السعي في حاجات اخوانه سباقا نحو العطاء والبذل، ما تعود ان يرد سائلا وما تحجج يوما بالعلة والمرض كان يقوم بعمله خير قيام.. كثيرا ما كنا نشفق على حاله لكنه كان يسخر من الضعف والاستسلام، لم يعرف الخور الى نفسه سبيلا فقد سد عليه الطرقات بإيمانه العميق وبأن ما اصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه لذلك كان يمارس حياته بكل سلاسة كثيرا ما تجده في المستشفى حتى وقت متأخر من الليل وفي الصباح الباكر يكون اول من يصل الى العمل، كان معجزة في الصبر رغم السقم ورغم الآه التي ابت ان تخرج من فمه لكننا كنا نقرأ ذلك في عينيه التي يشع منهما بريق الايمان والتوكل على الله. رجل هذه صفاته كيف يمكن ان ارثيه وماذا يمكن ان اقول بحقه وهو الذي تواجد بيننا في زمن التواكل والهروب، كان موقنا يرحمه الله بأن حوائج الناس اليه نعم من الله عليه، حببه الله الى الخير وحبب الخير اليه، نسأل الله أن يجعله من الآمنين عنده.. ماذا يمكن ان اقول بحقه، ليتني كنت امتلك لغة بذات صفاء الروح التي كان يحملها والقلب الكبير الذي كان يخفق بحب الناس، كل الناس. أخي الصيرفي أشهد إنك كنت صافي السريرة نقي الروح والبدن دائم البذل والعطاء كنت مثالا يندر ان نعثر عليه في هذا الزمن الذي بات التنكر سمْتَ أهله وشعار كل الناس فيه نفسي نفسي لكنك كنت تؤثر الآخرين، عملا بقوله تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) لم تبخل يوما على أحد كنت الأخ الكبير للجميع، عطاء بلا حدود، أسأل الله ان يجزيك خيرا بقدر ما قدمت ووهبت وأسديت عطاء ونصحا دون منٍّ أو أذى. أمين محمد سعيد حامد