في بعض الأحيان يشاء لنا القدر أن نتواجد في مناسبات عامة ويلفت نظرنا شخصية من بين الجموع تجذبنا إليها بشكل لا إرادي ونقف أمامها حائرين في قدرتها على السيطرة على عقولنا وأرواحنا بشكل يجعلنا غير قادرين على الإلتفات إلى أمور أو أشخاص آخرين .. وتتركنا تلك الشخصية تاركة خلفها أكثر من سؤال وأكثر من شعور لدرجة توصلنا إلى درجة من الارتباك فيما خلفته داخل نفوسنا وهو إرتباك محبب لايثير الضيق بقدر ما يثير الجدل ... مثل هؤلاء الأشخاص يتواجدون كثيرا ويطلق عليهم أصحاب الجاذبية أو ما يطلق عليه بالانجليزية الكاريزما .. فمن هم هؤلاء ؟ وهل للجاذبية قوانين ؟ الكاريزما ، في تعريفها كمصطلح ، هي كلمةٌ اغريقية الأصل تعني الهبة الآلهية أو المنحة الربانية التي ينعم بها بعض الناس وهم فئة لديها القدرة على التأثير على الآخرين والارتباط بهم والتواصل معهم بمنتهى السهولة والسلاسة على جميع الأصعدة. وعندما نتكلّم عن سحر الشخصية، فإننا نقصد هؤلاء الذين يملكون الحضور الآسر و يفرضون وجودهم بصمت فيه الكثير من المرونة والذكاء ويكون لديهم القدرة على التأثير على الآخرين والارتباط بهم والتواصل معهم بمنتهى السهولة والسلاسة على جميع الأصعدة ، والشخص" الكاريزمي " يبقى عالقا ً بالذاكرة بشكل إيجابي أو سلبي،ويتميز بقدراتٍ لا متناهية وأهمها السيطرة على المجتمعات والشعوب والافراد . فالبعض منهم يتحولون الى زعماء يتسمون بقوة خارقة وقدرات روحية نادرة ولهم الخيار في استخدام واستغلال تلك القدرات المتميزة سواء في الخير أو في الشر .. والتاريخ يوثق لنا بعضا من تلك الشخصيات التي تمكنت من خلال قدراتها الكاريزمية أن تحكم وتتزعم وتقود العقول وتسحر الشعوب إلى حد العشق حتى وأن دمرها كما فعل الزعيم النازي هتلر والذي يعد أكبر مثال للشخصية الكاريزمية فقد استطاع أن يحصل على تأييد الجماهير بتشجيعه لأفكار تأييد القومية ومعاداة السامية ومعاداة الشيوعية بفضل الكاريزما أو الجاذبية التي يتمتع بها في إلقاء الخطب وفي الدعاية. وقوانين الجاذبية تتعلق كثيرا بما يملكه الشخص الكاريزمي في داخله وليس في مظهره رغم ان المظهر قد يلعب دورا داعما الا ان جمال الروح وقدرتها على احتواء العقول والشخصيات بتفاوت مراكزها ومستوياتها والنزول أو الصعود لها هو السر في سيطرة تلك الشخصية وأسرها للجموع المحتشدة حولها فالجمال الداخلي كالضوء الخافت والذي يكمن في داخل الشخص الكاريزمي ويشع منه حين يتواجد وسط الأفراد . وقد تكون الثقة بالنفس واحدة من قوانين الجاذبية فدائما ما نجد أنفسنا معجبين بالأشخاص الذين يتملكون أدواتهم ويتحدثون بصوت متزن وثقافة غنية فهل كل من كان واثقا من نفسه يملك الكاريزما ؟ بالطبع لا فللجاذبية قوانين أخرى تتعلق أيضا بالقدرة على إتقان فن التواصل وهو فن يتطلب معرفة مهارات متعددة كالأدب واستخدام المفردات وأصول الايتيكيت وغيرها من فنون التواصل الحديثة والتي تتعلق كثيرا بالخلفيات الثقافية لكل فرد إلا أنني أجد أن أهم ما يميز الشخصية الكاريزمية أو الجذابة هو السحر الغامض الذي تملكه داخلها والذي لا يخضع لأي قانون ويشبه في تدفقه ينبوعا ممتدا لا ينقطع ولا ينضب فهي شخصية تمنح من روحها الكثير ويتدفق منها مرح غير عادي ولربما هذا هو سر جذبها لنا فقد نكون في حالة عطش لما تحتويه وتمنحه لنا من دفق وعذوبة وبدون مقابل. شاعرة وإعلامية سعودية [email protected]