أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن . وقال في خطبة الجمعة امس " في ظلال العدل تطمئن النفوس وتسكن القلوب وتنزع أسباب العداوة والبغضاء وتنطفي نيران الخصومة والأحقاد ويهنأ العيش و تطيب الحياة ولذا كان أمر الله بالعدل ونهيه عن الظلم بكل صوره و ألوانه صريحا جازما بينا لا خفاء فيه حيث قال عزوجل" إن الله يأمر بالعدل و الإحسان وإيتاء ذي القربى " ولقد كان من رحمة الله تعالى وحكمته البالغة أن شرع لعباده في محكم كتابه وبما سنه رسوله صلوات الله و سلامه عليه تشريعا حقوقيا فذا متفردا يضمن لكل آخذ به محكم له استيفاء كل حق له كما يبين له كل واجب متعين عليه مقرونا بذكر الثواب للمطيع القائم بما وجب عليه والعقاب للعاصي القاعد عن أداء ما أمر به ". وبين أنه مما جاء في ذلك مما فيه تحقيق العدالة وبسط سلطانها إنصاف الأجير ورفع الحيف عنه وحفظ حقوقه وإشعاره بالكرامة بوصفه إنسانا يمتلك كل ما يتملكه غيره من مشاعر لا يصح إنكارها عليه ولا استغرابها منه وفي الطليعة من هذه الحقوق أن يستوفي أجره المتفق عليه بالعقد كاملا غير منقوص مقابل قيامه بما أسند إليه من عمل حتى يقام بواجب العدل نحوه وحتى تنفذ وصية رسول الهدى صلى الله عليه وسلم به في قوله " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" كما حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم الأجير بعدم إعطائه أجره اشد التحذير وقرنه بكبيرتين من كبائر الذنوب متوعدا صاحبه بأن يبوأ بخصومة الله تعالى يوم القيامة فقال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى " ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة أن عباد الله الذين يقتدى بهم ويسار على نهجهم هم الصفوة الذين يرون في إنصاف الأجراء وحفظ حقوقهم طريقا إلى رضوان الله ووسيلة ترجى لنزول رحمته وسببا لتنفيس الكربة وتفريج الضائقة ودفع البلاء . وقال "إن في إنصاف الأجير آية بينة على خلق كريم وسجية جميلة وقلب مخبت رحيم محذرا من القسوة على الأجير والحيف عليه أما بتحميله ما لا يطيق أو التسويف في حقه أو بتضييق الخناق عليه في عمله وباتهامه بشتى التهم دون بينة وبغير برهان ساطع لأن كل ذلك من الظلم الصارخ والتعسف الذي لا يحل التورط فيه ولا الإستهانة به ولا المعاونة عليه". وأضاف الشيخ الدكتور أسامة خياط إنه إذا كان إنصاف الأجير والعدل معه ورفع الغبن عنه وعدم التجني عليه واجبا يتعين القيام به وعدم الإخلال به فإن من واجب الأجير إزاء ذلك القيام بما كلف به من عمل وفق ما تقتضيه الأمانة ويستلزمه الإخلاص في أدائه بإحسانه و إتقانه والإتيان به حسب ما اتفق عليه لأن هذا هو مقتضى العقد وسبب استحقاق الأجر ووسيلة طيب الكسب فانه مؤتمن و راع وهو مسؤول عن ماأوتى واسترعي عليه فلا يصح أن يعتذر لنفسه بشتى الأعذار أو يترخص لها في حل الأجر مع إخلاله بحق الأمانة وعدم وفائه بمقتضى العقد . وأوضح أن أكثر ما يعكر على المرء صفو حياته ويحجب عنه أسباب التوفيق ويمحق عن ماله البركة هذا الترخص الحامل على استباحة ما لا يحل وأكل ما لا يجوز والاستهانة بما يحرم .