لم يكن غريبا أن يصف الألماني بيرند شوستر ، المدير الفني السابق لفريق ريال مدريد الأسباني ، اللاعب الكاميروني صامويل إيتو ، مهاجم منافسه العنيد برشلونة سابقا ونجم انتر ميلان الإيطالي حاليا ، بأنه «ملك الكاميرون» لأن إيتو بالفعل هو اللاعب الأبرز والأهم بين صفوف «الأسود التي تقهر» منذ سنوات. ولا يختلف اثنان على أن إيتو من أبرز النجوم الموهوبين الذين أنجبتهم القارة السمراء على مدار التاريخ وأنه الوحيد الذي كان قادرا على انتزاع جائزة أفضل لاعب في العالم ، الذي أبعدته عنه الإصابات أكثر من مرة. وتمثل بطولة كأس الأمم الأفريقية المقبلة «أنجولا 2010» تحديا خاصا لإيتو ، حيث انها تمثل له حياة ، أو موت ولذلك يخوضها بشعار «أكون أو لا أكون». وليس غريبا أن تكون هذه البطولة مصيرية للنجم الكاميروني المتألق ، فرغم تربعه على عرش قائمة هدافي بطولتي كأس الأمم الأفريقية الماضيتين ، عامي 2006 في مصر و2008 في غانا ، برصيد خمسة أهداف بكل منهما ، بددت ضربة جزاء طائشة سددها هذا النجم أحلام الأسود في استمرار مسيرة الفريق في بطولة عام 2006 ، واخفق في هز شباك نظيره المصري في المباراة النهائية لبطولة 2008 . وتحول الأسطورة إيتو ، بسبب هذه الضربة إلى متهم وألقت الضربة بظلالها على أهدافه الخمسة التي أحرزها في البطولة ، حتى خرج مع فريقه صفر اليدين. وربما تحفل صفوف المنتخب الكاميروني بالعديد من النجوم أصحاب الأسماء البارزة في عالم الاحتراف وفي أكبر الأندية الأوروبية ولكن صامويل إيتو ، هداف برشلونة الأسباني ونجم انتر ميلان الإيطالي حاليا ، يظل أبرزهم جميعا. ويشارك إيتو في البطولة الجديدة بأنجولا بدوافع جديدة لتحقيق النجاح خاصة ، وأنه ترك برشلونة مضطرا ، ويسعى إلى التأكيد على فائدته الكبيرة من خلال انتر ميلان والمنتخب الكاميروني. ونجح إيتو على مدار السنوات الماضية في تعويض المنتخب الكاميروني عن نجومه السابقين أمثال الثعلب الماكر روجيه ميلا والمهاجم العملاق باتريك مبومبا. بل إن إيتو خرج من عباءة هؤلاء النجوم إلى سماء العالمية وكان الأقرب إلى تكرار إنجاز الليبيري جورج وايا ، النجم الأفريقي الوحيد الذي نجح في الحصول على لقب أفضل لاعب في أوروبا والعالم. ويؤكد الجميع أن إيتو ليس مجرد هداف عادي وإنما قناص من نوع فريد يجيد التعامل مع المدافعين وحراس المرمى بفضل تسديداته القاتلة التي يطلقها من كل زاوية ومن اي مسافة. ولكن فشله في تسجيل ضربة الجزاء في البطولة قبل الماضية سيدفعه لبذل مزيد من الجهد من أجل مصالحة الجماهير. تجدر الإشارة إلى أن بداية ظهور ايتو بقوة كانت مع المنتخب الكاميروني وليس النادي حيث شارك لأول مرة في مباراة دولية مع منتخب الأسود أمام نظيره الكوستاريكي في التاسع من مارس 1997 قبل يوم واحد من احتفاله بعيد ميلاده السادس عشر. ولم يلبث ايتو أن انتقل لحياة الاحتراف الأوروبي بالانضمام إلى ريال مدريد بعد أن لاحظ النادي الأسباني تألقه ولكن نظرا لصغر سنه وعدم وجود مكان له بين نجوم ريال مدريد انذاك ، اعاره ريال مدريد إلى أحد فرق دوري الدرجة الثانية بأسبانيا لاكتساب الخبرة وحساسية المباريات ، وكذلك التأقلم بشكل تدريجي على حياة الاحتراف. واستعاد ريال مدريد اللاعب عقب نهاية كأس العالم مباشرة ،ولكنه لعب مباراة واحدة فقط في الدوري الأسباني قبل أن يعيد إعارته لفترة قصيرة إلى فريق اسبانيول الأسباني واستعاده مرة أخرى ليخوض مع الفريق ثلاث مباريات مع ريال مدريد في بطولة دوري أبطال أوروبا عام 2000 حيث أحرز معه اللقب. وكانت هذه البطولة ثاني بطولة كبيرة يفوز بها في عام 2000 حيث توج مع المنتخب الكاميروني بلقب كأس الأمم الأفريقية عام 2000 في نيجيريا وغانا وترك إيتو بصمته في البطولة بتسجيل أول أهدافه الدولية ، وذلك في المباراة النهائية أمام نيجيريا والتي انتهت بالتعادل 2/2 ثم حسمت الكاميرون اللقب بضربات الجزاء الترجيحية 4/3 . ولكن ذلك لم يشفع لإيتو عند ناديه الأسباني حيث أعاره ريال مدريد مجددا إلى فريق ريال مايوركا الذي تعاقد معه بعد ذلك بشكل نهائي مع وجود شرط في العقد يمنح لريال مدريد الحق في نصف مقابل انتقال اللاعب إلى أي ناد ثالث. كانت هذه التنقلات العديدة وعدم الاستقرار في مسيرة اللاعب كفيلة بالنيل من مستواه الفني ، ولكن عزيمته كانت أقوى من كل ذلك ونجح في سبتمبر 2000 في الحصول مع المنتخب الأولمبي الكاميروني على ذهبية كرة القدم في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني ، بالتغلب على الماتادور الأسباني بضربات الجزاء الترجيحية في المباراة النهائية. وتألق إيتو مع فريق ريال مايوركا بشكل ملفت للنظر أيضا وسجل هدفين ليقود الفريق إلى لقب كأس ملك أسبانيا بعد الفوز على ريكرياتيفو هويلفا 3/صفر في النهائي كما لعب في المباراة النهائية لبطولة كأس القارات التي خسرتها الكاميرون أمام فرنسا في باريس. واضطر ريال مدريد وريال مايوركا لبيعه في أغسطس 2004 إلى برشلونة بعقد يمتد أربعة أعوام مقابل 24 مليون يورو ، حصل ريال مدريد على نصفها ولكنه خسر لاعبا بارزا كان بإمكانه انتشال الفريق من كبوته الحالية. ولكن بعد خمسة مواسم سجل فيها إيتو أكثر من 100 هدف لبرشلونة وتصدر قائمة هدافي الفريق الموسم الماضي ، وفوز الفريق بثلاثيته التاريخية (دوري وكأس أسبانيا ودوري أبطال أوروبا) ، اضطر اللاعب للرحيل عن صفوفه في اطار صفقة تبادل ليتعاقد برشلونة مع السويدي زلاتان إبراهيموفيتش ، مهاجم انتر ميلان. ومن المنتظر أن تكون البطولة الأفريقية المقبلة في أنجولا من المحطات التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرة إيتو.