- من يقرأ ديوانه الأول الموسوم ب"الف سؤال" لا يصدق أن هذه النصوص كتبت في مراحل الدراسة الثانوية مع فورة الشباب والطموح الأولى. فالقصائد الطويلة في كلماتها وأبياتها.. عميقة في عباراتها غنية بالمعاني.. وتؤكد ثقافة واطلاع قائلها وعمق احاسيسه الإنسانية. فيها بدايات وأنفاس القباني (نزار) الشعرية ولولينا الحب العذرى.. وأحلام الشباب والبدايات. عن نفسي.. استغربت ان تأتي مثل هذه الكلمات من شاب عمله بعيد عن أبجدية الأعمال الشعرية.. وإن كان قريباً من أعمال حسين السيد الشاعر الغنائي الذي قدَّم لنا أروع الكلمات والتحايا وشكَّل مع مطرب الأجيال الراحل المقيم محمد عبدالوهاب ظاهرة في سماء الأغنية العربية لا زالت تمطر إبداعاً. فقد كان يمارس تجارة الأغذية.. كشاعرنا الشاب سيف الله محمد شربتلي ولم يمنع ذلك من إبداعهم وتفوقهم في الحياة الإبداعية الإنسانية. الكتاب من الحجم المتوسط ويقع في 79 صفحة بغلاف معبر حمل علامة استفهام تعبيرية عن القصائد المرسومة في صفحاته والتي حوت 33 قصيدة وكلمة بعناوين قصيرة وطويلة كروح ونفس القصيدة. وقد أهدى الديوان الى اصدقاء العمر والدراسة الذين شجعوه لممارسة وطرق دروب الشعر الشائكة.. فلولاهم لودع أحاسيسه إلى غير رجعة. وقد صدر الديوان عن دار الصياد اللبنانية. ومن الكلمات الجميلة في الديوان التي كتبها بعنوان (أماه) يشكو فيها حاله وأهميتها بالنسبة اليه وحياته: أماه يا طوق النجاة يا محراب توبتي ودعائي في الصلاة أما قصيدة (المزاد) فبعيدة عن العنوان ومعناه التقليدي فقد دون فيها مقارنة إنسانية فيها كل الصدق والحماس: قلبي درة نادرة من قبل الميلاد فؤادي لعنة فرعونية لا يعرف الوداد كتلة حبر عارمة فخر وعناد وبأسلوب فيه شعبية أولاد الحارة وشهامة أبناء البلد والمصطلحات الحجازية بادية فيه للعيان يقول في (غارة): من بلد العفة والطهارة من كل مدينة وكل حارة من كل صوب وكل قارة من قوافي شعره القديمة وذكريات حبه المنارة سيستدعي نساءه جميعاً ليقبعن عنده بالمغارة فتعود مروة ومارة وكل شاعر حالم.. هناك ملهمة للخيال وأسباب للعذاب في ذكريات الحب والصفاء.. لذلك فإن (ملهمة الأشعار) عند شاعرنا الشاب "سيف الشربتلي" غائبة ويتطلب الأمر اكثر من سؤال وعتاب. اين انت ملهمة الأشعار شق وريدي الانتظار نضب حبر قلمي فاض دمع عيني والهم بداخلي قد ثار ترى أين أنت أين (؟!) وبأسلوب المسرحي الإنجليزي الشهير (شكسبير) وكلمته الخالدة (اللزمة) في مسرحيته عن الإرادة والحياة والإنسان والكينونة.. يسأل شاعرنا في قصيدته التي حملت الرقم (32) بعنوان (ومن تكون ماذا تكون) قائلاً: تسأليني ترانا من نكون من سمح لحبنا أن يهون من كتب على قصتنا إن تمت من فرض على هوانا المنون سأجيب بكل وضوح وصراحة كاذباً أبداً لن اكون أنت الحياة وانا المنية أما مسك الختام في الديوان فقد كانت قصيدة العنوان الرئيسي للديوان (الف سؤال): ألف سؤال بقلبي وألف جواب أخشاه والعديد من الكلمات والقصائد التي ضمها الديوان فيها تحرر الشباب وكلام قد يصنفه البعض في خانة الممنوع من الصرف والتداول مكتوبة بالقلم الأحمر ولكنها مسموحة لأصحاب القلوب الخضراء الذين لا زالوا في سنوات تجاربهم الإنسانية الأولى البريئة الخالية من الشوائب. واستغرب عدم استمرار الشاعر في تجاربه الإبداعية وكتم أحاسيسه فهل يحتاج الأمر إلى تشجيع جديد من زملاء العمل والحياة بعد الدراسة الأولى هذه المرة ليستمر في العطاء والاستمرار. أتمنى أن تكون كلماتي هذه واستعراضي لديوانه اليتيم من الكلمات الحماسية لأمثاله من شبابنا الطموح.. وان يحوي ديوانه القادم الف جواب على أسئلة البدايات. * ناشر ورئيس تحرير مجلة العقارية عضو هيئة الصحفيين السعوديين