قابل أعضاء حلف شمال الأطلسي عرض حليفهم الرئيس الأمريكي باراك اوباما إرسال 30 الف جندي إضافي الى أفغانستان بإرسال سبعة آلاف جندي من قواتها لكن في حين ستكون واشنطن ممتنة لهذه التعهدات فإنها أقل مما يجب. وبينما ترسل بعض الدول قوات إضافية فإن كنداوهولندا وهما اثنتان من أهم الحلفاء قد تسحبان عددا مماثلا تقريبا في غضون العامين القادمين فيما يرسل الباقون قوات إضافية. وسيزيد عدد القوات الأمريكية ليصل الى نحو 100 الف جندي وهو ثلاثة أمثال عددها حين تولى أوباما الرئاسة العام الماضي. وسيبلغ مجمل إسهام جميع الدول الأخرى المشاركة في الائتلاف الذي يقوده حلف الأطلسي البالغ عدد أعضائه 43 دولة نحو 40 الف فرد ربعهم تقريبا من بريطانيا. ولا يظهر كثير من الحلفاء الكبار المتبقين وعلى رأسهم المانيا اي بوادر على إلغاء الشروط التي تحظر مشاركة قواتها في القتال مما يعني أنه سيتعين نشر القوات الأمريكية للقتال في مناطق خاضعة لسيطرة الحلفاء. وستزيد ايطاليا من قواتها المكونة من 2800 فرد بمقدار الف جندي لكن الأعداد الإضافية الأخرى تتألف في الأساس من قوات عسكرية محدودة من دول صغيرة تفتقر الى نفس القوة العسكرية والتماسك الذي تتسم به وحدة كبيرة من دولة واحدة كبيرة. وستكون النتيجة قوة مقاتلة تعتمد على القوات الامريكية والبريطانية اكثر من قبل ومماثلة في تكوينها وحجمها للقوة التي قادتها الولاياتالمتحدة التي قاتلت بالعراق اكثر مما تشبه العملية الأوسع نطاقا التي كان يقودها حلف الاطلسي في أفغانستان سابقا. ويرى دبلوماسي أوروبي في كابول أن هذا قد لا يكون أمرا سيئا من منظور عسكري. فقيام القوة العظمى بمعظم الأعمال القتالية سيجعل من القوة اكثر فعالية ويوفر لها وحدة القيادة بعد سنوات شنت فيها دول الحلف المنفصلة حروبا منفصلة في الأقاليم المختلفة. وقال الدبلوماسي "ماذا كانت المشكلة الرئيسية ؟ كانت أنه لم يكن هناك أحد مسؤولا. لقد تغير هذا. الآن نعرف حرب من هي." لكن من منظور سياسي ربما يكون من الصعب على إدارة أوباما ورئيس وزراء بريطانيا جوردون براون تسويق الحرب في الداخل وإقناع الأفغان بأن المهمة تحظى بدعم مجتمع دولي متحد. وفقدت الولاياتالمتحدة وبريطانيا عددا من الجنود في افغانستان في العام الحالي وحده اكبر من الذي فقده جميع حلفائهما مجتمعين على مدى الحرب المستمرة منذ ثمانية أعوام. وبخلاف البريطانيين والأمريكيين كانت الفرقة الكندية المنتشرة في الجنوب حول قندهار وقوامها 2800 فرد اكثر قوات الحلف فعالية وانخراطا في القتال. وفقدت كندا 133 جنديا بأفغانستان وهو عدد يساوي ما فقدته فرنساوالمانيا وايطاليا وبولندا واسبانيا مجتمعة وهي الدول التي تتماثل فرقها من حيث الحجم. ولا تتمتع الحرب بشعبية في كندا حيث غضب كثيرون من اتهامات بأن القوات سلمت معتقلين للسلطات الأفغانية التي ربما تكون قد أساءت معاملتهم الى جانب أن المكاسب التي حققتها طالبان في قندهار جعلت المهمة تبدو غير ذات جدوى. وصوت البرلمان على إعادة القوات المقاتلة الى الوطن في غضون عامين وترفض اوتاوا الرضوخ لضغوط الولاياتالمتحدة لتبقى لفترة أطول. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية "قلنا مرات عدة إننا سنلتزم بقرار البرلمان. مهمتنا القتالية ستنتهي في عام 2011." وقال تيم ريبلي المحلل بمؤسسة جينز للمنشورات الدفاعية في بريطانيا إن اي شيء مما تعهد به حلفاء حلف شمال الاطلسي الآخرون حتى الآن في أعقاب إعلان أوباما لن يستطيع تعويض تلك القدرة الكندية التي ستفقد. وأضاف "ليس القوات فحسب. لديهم طائرات دون طيار ومدفعية ويشاركون في مركز القيادة. "لا توفر قوة مشتركة من ست وحدات تتكون كل منها من بضع مئات من الرجال من دول مختلفة نفس التماسك والكفاءة في القتال." كما تتخلى هولندا عن دورها القيادي في إقليم ارزكان وهو إقليم جنوبي آخر حيث قاتل جنودها الى جانب جنود الولاياتالمتحدة واستراليا. ويقول الحلف إن جزءا من القوات الهولندية البالغ قوامها 2100 سيبقى للاضطلاع بأدوار أخرى بعد عام 2010 لكنه لم يكشف عن عدد القوات التي ستبقى. وتكتسب الشروط المعروفة "بالمحاذير" التي يفرضها بعض الحلفاء على قواتهم وتمنعهم من الانتشار في المناطق التي شهدت قتالا أهمية مماثلة لعدد الجنود. وحققت واشنطن بعض النجاح في إقناع دول برفع محاذيرها أبرزها فرنسا التي لم تكن تعمل الا في العاصمة كابول الهادئة حتى العام الماضي لكنها منذ ذلك الحين سمحت لجنودها وعددهم ثلاثة آلاف بالقتال تحت قيادة الولاياتالمتحدة. اما الحليف الكبير الذي لا يزال متمسكا بموقفه فهي المانيا التي لها ثالث اكبر قوة في البلاد وقوامها 4400 فرد لكنها لم تلغ بعد القواعد الصارمة المتعلقة بكيفية انتشار قواتها. ويعمل الألمان في الشمال وهي منطقة كانت هادئة فيما مضى لكنها شهدت هذا العام زيادة كبيرة في معدل الهجمات فضلا عن تقدم مقاتلي طالبان وسيطرتهم على مناطق ريفية. وكان على واشنطن أن ترسل قوات إضافية الى الشمال معظمها قوات خاصة متنقلة لقتال طالبان بينما لم تظهر المانيا اي مؤشرات تذكر على إزالة القيود التي تفرضها على قواتها لتسمح لها بالقيام بدوريات في المناطق التي تشهد أعمالا عدائية. وتشعر الجماهير الألمانية بانزعاج شديد من الصراع الذي رفضت الحكومة لفترة طويلة أن تسميه "حربا" بسبب تاريخ البلاد العسكري. واضطر وزير الدفاع السابق للاستقالة من الحكومة الأسبوع الماضي بسبب غارة جوية وقعت في سبتمبر ايلول ودعت اليها القوات الألمانية مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وهو اكبر حادث من حيث عدد القتلى يتصل بالقوات الألمانية منذ الحرب العالمية الثانية. وكان البرلمان قد أمر بإجراء تحقيق في الواقعة. وقال ريبلي إنه رغم أن هذا لا يزال غير مرجح فإن إقناع الألمان بإزالة القيود المفروضة على قواتهم الموجودة بالفعل في افغانستان سيحقق تقدما اكبر من الذي ستحققه معظم القوات الإضافية التي عرض حلف الأطلسي إرسالها. وأضاف "الحصول على 100 فنلندي او 80 بلجيكيا لا يضيف الكثير في حين أن لعب بضعة آلاف من الألمان معا أمر لا يستهان به."