عواصم الوكالات أخذت مجموعة من المواقع والمنتديات في الإنترنت على عاتقها توعية المستهلكين بحقوقهم وتوصيل شكواهم إلى الجهات المسؤولة في الدول العربية، وذلك في محاولة لتعميق مفهوم " الحماية الإلكترونية للمستهلك " الذي يتخذ من الويب وسيلة لحماية المواطنين من الغش التجاري وغيره من الظواهر السلبية في الأسواق . وترجع هذه التحركات الإلكترونية على سبيل المثال في المملكة لوجود 2٫6 مليون نسمة مستخدم إنترنت بما يشكل أكثر من .٪10 بالإضافة إلى أن وزارة التجارة أو أي مؤسسة حكومية أخرى لن تستطيع منفردة إحكام الرقابة على الأسواق والإشراف على ممارسات التجار وتقصِّي اتجاهات الاحتكار والتلاعب بالجودة والأسعار مهما كانت إمكاناتها . وما يدلل على ضعف الرقابة أن حجم تجارة الغش التجاري والتقليد قد بلغت نحو 4 مليارات ريال سعودي خلال عام " 2003 الدولار = 3٫75 ريالات سعودية " ، وفقًا لوزارة التجارة والصناعة السعودية، ورغم ضخامة الرقم فإن هناك تقديرات تشير إلى أن الرقم الحقيقي لهذه التجارة قد يصل إلى ضعف هذا المبلغ . كما أن هناك ثغرات قانونية وتنصل بعض الجهات من المسئولية، وهو ما يؤدي إلى ضياع حقوق المستهلكين، وهو ما يتضح جليדָا في مشروبات الطاقة التي تنعم بالرواج في الأسواق السعودية، رغم أضرارها؛ لأن وزارة الصحة لم تعترف أنها أدوية ووزارة التجارة لا تراها غذاء . وأيضًا تبدو أهمية حماية المستهلك عبر الويب، بالنظر إلى الزيادة في حجم التجارة الإلكترونية في المملكة، فقد توقعت دراسة أجرتها الغرفة التجارية بالرياض بعنوان " آثار التجارة الإلكترونية على الاقتصاد الوطني " ونشرت في أغسطس 2005 أن يرتفع حجم التجارة الإلكترونية خلال الفترة الزمنية " " 2007 - 2005 إلى مبلغ يتراوح بين 13 و20 مليار ريال . مواقع للتوعية والشكاوى كل هذه الأمور ساهمت في تأسيس تجربة للسعودية في مجال الحماية الإلكترونية للمستهلك، حيث أنشأ مجموعة من الشباب موقع يعنى بشؤون المستهلك في العالم العربي، من خلال الكشف عن عيوب بعض السلع وتوفير النصح للزوار عن السلع قبل شرائها . ويستهدف هذا الموقع بحسب القائمين عليه أن يكون منبر ًا هامדָا للمستهلك لإبداء رأيه ومشاركة الآخرين في خبراته عن المنشآت التجارية التي يتسوق منها، مع من يتعامل؟ كيف ينتقي مقدم السلعة قبل السلعة نفسها؟ ما مدى رضا الزبائن السابقين؟ . كما أن الموقع - الذي يحتوي على منتديات للمستهلك - يُعَدّ قناة تجمع المستهلكين على اختلاف فئاتهم؛ لتبادل المعلومة حول المنشآت التجارية، وما تقدمه من سلع وخدمات، حتى يكون هذا الموقع هو مرجع للمستهلك للاستنارة والاستدلال به قبل اتخاذ قرار الشراء .وبالتالي يستطيع المستهلك عندما ينوي شراء سلعة أو خدمة، الرجوع إلى منتديات الموقع ليتعرف على السلع المنتجات التجارية، وكذلك الحصول على تقييم لها من قبل مستهلكين آخرين تعاملوا معها سابقًا قبل البدء في التسوق . وإضافة لتوعية المستهلك، تقوم منتديات أخرى بتوصيل الشكاوى التي تصل إليهم من المستهلكين للجهات المختصة، مثل : منتديات دار الندوة التي تُعَدّ من أشهر المنتديات السعودية والتي خصصت قسمًا خاصדָا يحمل اسم منتدى " حماية المستهلك والبيئة " ، ويتم خلاله نشر المواضيع الخاصة بحماية المستهلك . ومن أبرز الحملات التي قامت بها هذه المنتديات في عام 2005، محاربتها لرفع الأسعار إبان قرار الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيادة رواتب الموظفين بنسبة 15 ٪،حيث دعت المستهلكين السعوديين لتسجيل أسماء وأسعار السلع قبل وبعد الزيادة، حتى يمكن تقديم هذه المعلومات للجهات المختصة حتى يستفيدوا منها، وتوجد منتديات خصصت كما يشير القائمون عليها ل " فضح كل عملية تلاعب يقوم بها سواء التجار أو الأفراد، فقد تكون طريقة الاحتيال بعرض بضائع محتوية على مواد مضرة للإنسان أو بيع أراضي متنازع عليها، أو طرق استثمار جديدة الغرض منها الاحتيال على الناس، وغالبًا ما يقوم هؤلاء الأشخاص بالكذب على الناس والمجتمع مثلاً بتقديم سلعة للبيع على أنها مفيدة للجسم ومقوية ويثبت بالدليل القاطع أنها مضرة للجسم " . وإن كانت بعض التجارب في مجال الحماية الإلكترونية للمستهلك قد جاءت منظمة عبر مواقع تعنى بهذا الشأن أو منتديات أقامها مجموعة من نشطاء الإنترنت لذلك، فإن هناك تجارب فردية في هذا الصدد . ورغم عدم نجاح التجربة لعدم التفاعل معها من قبل جمهور المستخدمين فإنها تحسب للقائم عليها، وكان من بين أهم ما تحتوي هذه المنتديات " إرشادات ونصائح لحماية المستهلك " تتعلق بالنصائح الواجب اتباعها عند شراء أي سلعة . وبشكل عام فإنه يتم من خلال منتديات حماية المستهلك تبادل الخبرات أون لاين، والقيام بعرض قصص واقعية لتجارب المشترين مع السلع الرديئة، وتحديث مستمر لنشرات إخبارية تتضمن حوادث الغش التجاري وتفاصيل القضايا الحديثة مدعمة بآراء الخبراء والمتخصصين . وبالإضافة إلى ذلك، فهناك كثير من المنتديات العامة التي تحض على حماية المستهلك وإن كانت لم تخصص منتدى خاصا يحمل هذا الاسم صراحة، ومن أبرزها، منتديات الساحات، ويقوم المشاركون في هذا المنتدى بنشر الأخبار الجديدة التي تتعلق بحماية المستهلك والتي يتم نشرها في وسائل الإعلام المختلفة والتعليق عليها، كذلك هناك منتديات حائل ومنتديات جازان والتي يعرض فيها النشطاء تجاربهم في هذا الصدد . والحكومة أيضًا ولم تكن الحكومة بعيدة عن مجال الحماية الإلكترونية للمستهلك، فقد خصصت وزارة التجارة والصناعة السعودية وهي الجهة المنوط بها مع وزارة الشئون البلدية في حماية المستهلك وفقًا للقانون السعودي صفحة إلكترونية على موقعها باسم الغش التجاري، تعرض خلالها المهام والاختصاصات الموكلة إلى " الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري " لكي يعرف المستهلك بالضبط ما هي الحماية المقررة بموجب النظام للمستهلكين . وأهم ما يوفره هذا الموقع إمكانية إرسال الشكاوى إلكترونيדָا، حيث يحتوي الموقع عن نموذج بلاغ إلكتروني عن وجود أي مخالفة تجارية . خلاصات وعوائق وخلاصة القول ..إن السعوديين قد قاموا باستغلال الإمكانيات التي يوفرها لهم الإنترنت في إنشاء منتديات إلكترونية؛ لتكون بمثابة أداتهم للرقابة على الأسواق التجارية ووسيلتهم لتوعية أبناء وطنهم للتعريف بحقوقهم وحمايتهم من الغش أو الاحتيال، ومن بين أهم الأفكار التي احتوتها هذه المنتديات لتوفير حماية المستهلك السعودي : الدعوة إلى مقاطعة السلع التي يثبت ضررها على الصحة، وكذلك التاجر الذي يثبت قيامه بالغش أو رفع أسعار السلع . إنشاء قائمة سوداء للتجار الذين يحترفون الغش واستغلال المستهلك ونشرها على الإنترنت . سن قوانين جديدة تأخذ في الاعتبار مفهوم الحماية الإلكترونية للمستهلك، وخاصة أن مجلس الشورى يناقش حاليדָا نظام الغش التجاري الجديد، أو ما يطلق عليه نظام حماية المستهلك . الاستعانة بمتطوعين لمساعدة الجهات المختصة في كشف أي تلاعب بالأسعار، ووضع رقم مجاني لهؤلاء المتطوعين يعلق في كل منشأة تجارية بشكل واضح وملفت للنظر لتلقي شكاوى المستهلكين . غير أن ثمة عوائق أمام الحماية الإلكترونية للمستهلك السعودي، لعل أبرزها مسألة الضبط القانوني للتوصيات والتحذيرات من نشطاء الإنترنت حول سلع معينة، فقد تشن حملة إلكترونية ضد سلعة بدون وجه حق، ومن هنا يجب إيجاد آلية تجمع ما بين نشطاء المجتمع المدني " إنشاء جمعية أهلية " لمتابعة ما ينشر في هذه المنتديات، حتى لا يتحول حماية المستهلك عبر الويب عن أهدافه .