منذ بدء تطبيق هدنة 19 يناير 2025 بين جيش الاحتلال وحركة حماس، شهدت غزة سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية التي أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني وتعميق معاناة المدنيين. ففي المرحلة الأولى من الهدنة، والتي انتهت في أوائل مارس 2025، أسفرت الترتيبات عن إطلاق سراح 33 أسيرًا إسرائيليًا وخمسة أسرى تايلانديين مقابل إطلاق سراح حوالي 1700 أسير فلسطيني. ومع ذلك، لم تخل الفترة من تجاوزات خطيرة رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار. وبالإضافة إلى ذلك، قُتل أكثر من 155 فلسطينيًا نتيجة لهجمات إسرائيلية متكررة على القطاع منذ بداية الهدنة وحتى 17 مارس 2025، مما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا والجرحى وتدمير بنية تحتية حساسة. وفي سياق متصل، تأخرت السلطات الإسرائيلية في إعادة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، مما زاد من معاناة المشردين وسط ظروف إنسانية متدهورة. علاوة على ذلك، أدت عرقلة تدفق المساعدات الإنسانية إلى تفاقم الأزمة؛ ففي حين تم الاتفاق على دخول 600 شاحنة يوميًا، سمحت إسرائيل بدخول عدد أقل بكثير، مما أسفر عن نقص حاد في الإمدادات الأساسية للسكان. ولم تقف التجاوزات عند هذا الحد، إذ منعت سلطات الاحتلال دخول المنازل المتنقلة والخيام والآلات الثقيلة الضرورية لإزالة الأنقاض، مما أعاق جهود الإغاثة وأثر سلباً على الحياة اليومية للمواطنين. كما أن رفض جيش الاحتلال الانسحاب من ممر فيلادلفيا على طول الحدود الجنوبية مع مصر يُعد انتهاكاً صريحاً لشروط الاتفاق الذي نص على انسحاب القوات بحلول اليوم الخمسين من الهدنة. وبعد انتهاء المرحلة الأولى في الثاني من مارس، قامت إسرائيل بقطع إمدادات الكهرباء عن القطاع، وهو إجراء وصفه خبراء الأممالمتحدة بجريمة حرب وفقاً للقانون الدولي. هذه الانتهاكات المتتالية، التي تسببت في تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، توضح بجلاء كيف أن تطبيق وقف إطلاق النار تحول إلى أداة للضغط والابتزاز السياسي والعسكري قبل استئناف العدوان.