لا أمتلك أدوات النقد الفني، ولا أجيد مفرداته، لكن حلقة طاش ما طاش لبطليها الفنانين عبد الله السدحان وناصر القصبي، التي يؤجّر فيها السدحان جزءا من منزله نظرا لغلاء المعيشة، لمقيم مصري وزوجته يؤدي دوره القصبي، ليس مهما الخلافات التي تقع بينهما، فيتضايق السدحان من رائحة (الفسيخ) ومن ارتفاع فاتورة الكهرباء والتلفون وغير ذلك، وتتوالى الأحداث حتى يرزق المصري حمدي بولد يسميه إبراهيم على اسم السدحان في الحلقة. ولما يحين وقت عودة حمدي لوطنه، تتجسد طيبة الشعب السعودي، فيبكي إبراهيم وزوجته على فراق حمدي وزوجته وطفلهما، وبكل صدق يقول:"لا تذهب يا صديقي وأنا موافق أن تطبخ كل يوم فسيخ، وسأعفيك من فواتير الكهرباء والهاتف، وسأسامحك بجزء من الإيجار" الموقف كان مؤثرا بالنسبة لي، أعادني لتلك الأيام الجميلة، استحضرت طيبة الشعب السعودي، بكرمه وأخلاقه، شعب طيب بالفطرة، عادت بي السنون عشرة سنوت، عندما كنا والجيران وزملاء العمل أسرة واحدة، نتبادل الأطباق الرمضانية والأدعية، تجمعنا صلوات التراويح والتهجد، والموائد الرمضانية التي كنا نعدها. طعم فول القرموشي الذي كان أبي يحضره لنا وقت السحور، كان الإفطار مع والدي أشهى، والمشوار الذي يصطحبني والدي إليه لجدة القديمة قبل الإفطار يحرك فيني كل ما و جميل، السهرات الرمضانية، وصلاة الفجر، والعمرة التي تشهد عليها حمامات الحرم المكي الشريف، صوت الشيخ عبد الرحمن السديس الذي تخشع له قلوبنا، وتدمع أعيننا لتغسل نفوسنا من شوائبها. ذكريات تحفر في الذاكرة أناشيد وزقزقات عصافير، نحلق إلى السماء السابعة بأبصارنا سائلين المولى الرحمة وحسن الختام. وبعد استقراري في عمّان مسقط رأسي، أتذكر كل أصدقائي، ويأخذني الحنين إلى ذلك الشعب الكريم خلقا وأخلاقا، أتذكر عبارة كتبتها مدرسة التربية الإسلامية بالقلم الأسود على كفي (كن مع الله ولا تبالي)، ومذ ذلك الوقت وكلماتها في صدري، فلا أطلب أحدا، ولا أسأل غير الله، فكان لي دوما ما أريد. من هنا من عمّان، أطيب تحية معبقة بالمسك والريحان والحبق والكادي لشعب أحبني فعشقته.. وكل عام ونحن أطيب... أصدقاء الحرف: "يارب لست أرجو غير أني في القيامة تعفو عني" إعلامية وشاعرة أردنية [email protected]