استطاعت حاملة ذهبية التايكوندو بدورة الألعاب السعودية في نسختها الثالثة" إيثار حيان" أن تخطف أنظار الجميع، بعد بكائها بحرقة لحظة تتويجها بالميدالية الذهبية، ومن ثم تقبيلها رأس الأميرة دليل بنت نهار الرئيس التنفيذي لدورة الألعاب السعودية الثالثة خلال التتويج. هذا المشهد المؤثر، بحثت " البلاد" عن كواليسه ودهاليزه مع " إيثار حيان" فكان هذا الحوار الشيق.. عندما تشاهدين نهائي التايكوندو.. ماذا تتذكرين؟ عانيت من تذبذب مستواى من جولة لأخرى؛ بسبب إنقاص الوزن، فجسمي كان متعبًا، ناهيك عن قوة المنافسة، فكنت أذكر نفسي دائمًا أنني أستطيع الانتصار، حتى عندما أتلقى ضربات من منافستي، كان هناك صراع داخلي أكثر من الصراع الموجود على الحلبة، لكن كان لدي إيمان بقوتي، وكان من الممكن أن أسلم في لحظة، وأخسر، وفعلاً خسرت الجولة الأولى، لكنني كنت مؤمنة بالفوز. متى تولد لديك شعور الانتصار؟ نهاية الموسم الرياضي الماضي في يونيو 2023، عدت للمنزل وقررت اعتزال التايكوندو، بعدما مررت بظروف صعبة للغاية، وحدثت أمور كثيرة لا أريد أن أذكرها، حتى لا تخونني المصطلحات فتؤثر على أشخاص معينين دون قصد، لكنني كنت قد وصلت لقناعة بأن التايكوندو ليس طريقي، رغم وجود عروض لي من عدة أندية للانضمام إليها، عندما أنهي عقدي مع نادي الاتحاد. ولكن حدث وسافرت ووقعت لنادي العلا، رغم معاناتي من إصابة بقطع في عصب اليد، ولم أكن أنوي المشاركة في دورة الألعاب السعودية بسبب تلك الإصابة، التي أثرت كثيرًا على نفسيتي، حتى وصل وزني إلى 59 كجم، وأنا ألعب بوزن 49 كجم، ولم يكن أمامي سوى شهر فقط للاستعداد، فذهبت لبطولة مسقط الدولية للمشاركة بوزن 57 كجم، لكي أقنع نفسي أنني غير جاهزة، لكن حدثت المفاجأة، وحصلت على الذهبية وعلى جائزة أفضل لاعبة بالبطولة، حينها قررت العودة والمشاركة في دورة الألعاب السعودية. كيف كان استعدادك للبطولة رغم قصر المدة؟ كان من أصعب الأشهر عليَّ، وفعليًا أُغلقت كل الأبواب بوجهي، وكنت أبكي وأقول للمدربة رؤى سليم: هذا ليس ذنبي ويمكن أن ما حدث كان إشارة أن هذا ليس مكاني، وعليَّ أن أبحث عن رزقي في مكان آخر. أنا لست سلبية، ولكن وصل الأمر ألا توجد نوادٍ للتدريب بسبب الإجازات، فكنت أتدرب على الكورنيش. وأحب أن أشكر مدربتي، لإيمانها بموهبتي أكثر من نفسي. والتحدي الذي واجهته هو ضرورة إنقاص وزني بين بطولة مسقط، ودورة الألعاب السعودية. ودخلت التصفيات وخضت مباراة واحدة؛ كوني مصنفة، وانتصرت، وفي دورة الألعاب السعودية، كانت يدي تتشنج بفعل الإصابة، وكنت أضطر لإخفاء يدي عن الحكام؛ حتى لا يوقفوا المباراة؛ حفاظًا على سلامتي، والحمد لله فزت، وواصلت حتى توجت بالذهبية حدثينا عن دور المدربة أبرار بخاري؟ المدربة أبرار فضلها – بعد الله- كبير علي، فقبل سنوات كنت أتدرب في ناد خاص في دولة البحرين، فرأتني وأخبرت مسؤولي المنتخب السعودي عني، وفعلًا رجعت للمملكة، ووقعت معي، واشتغلت معي لإنقاص وزني حتى آخر يوم قبل الميزان، في دورة الألعاب السعودية الثالثة. ولا يفوتني أن أشكر المدرب عبدالمنعم الخواهرة، والد اللاعبة رحمة الخواهرة التي واجهتني في البطولة؛ لأنني عسكرت لديهم، رغم أن ابنته رحمة منافستي، ووافق على أن أتدرب لديهم، في الوقت الذي رفضت فيه عدة أندية أن أتمرن لديهم؛ بسبب وجود لاعبات في نفس وزني؛ لذا لن أنسى هذا الموقف الجميل للمدرب الكابتن عبدالمنعم الخواهرة. ما سر قبلة الرأس للأميرة دليل بنت نهار خلال تتويجك بالذهب؟ كان لدي ظروف غير طيبة قبل دورة الألعاب السعودية، حيث تم شطبي من وزن 49 كجم لظروف خاصة، وفي ظل شعوري بالاكتئاب، أتاني كرت أبيض من الأميرة دليل للمشاركة في الألعاب السعودية، وقتها كنت متوقفة عن التدريب، فذهبت لبطولة مسقط للمشاركة بوزن 57كجم بدون أي تدريب، فكان هذا الكرت مسؤولية، لكي لا يذهب سدى، فعندما فزت بالميدالية الذهبية، فشعرت بالسعادة كوني لم أخذل سمو الأميرة؛ لأنها كانت أكبر داعم لي، فالكرت لم يكن شيئًا بسيطًا، فهناك لاعبون كثر يستحقون هذا الكرت، وليس أنا فقط، وبما أنها فضلتني وأعطتني الفرصة، شعرت بمسؤولية أكبر، والحمد لله، أنني كنت عند حسن ظنها بي؛ لذلك قبلتي على رأسها، كانت بمثابة تعبير بسيط عن شكري وامتناني على ما قدمته لي. كيف كان دعم أسرتك؟ بالتأكيد أسرتي لها فضل كبير- بعد الله؛ فوالدتي كانت حاضرة في النهائيات معي، وهي الداعم الأول لي. وعلاقتي بوالدتي خاصة جدًا، فخلال المباريات كنت دائمًا أنظر لها بالمدرج لأحفز نفسي داخل الملعب. ما سر تتويجك بذهب الألعاب السعودية؟ أولًا إيماني بالله، وأنه سبحانه وتعالى سيوفقني، وحقيقة كنت متعبة للغاية، ولا أكذب عليك إذا قلت لك كنت أشعر برعشة في قدمي قبل النهائي، ولكنني استعنت بالله، وثانيًا أنا كنت بحاجة للفوز لحاجتي الشديدة لقيمة الجائزة المالية، التي ستكون نقلة نوعية لي ولأسرتي. هذه العوامل حفزتني؛ لكي أحارب للظفر بالذهبية، وحقيقة قيادة مدربتي لأدائي في الحلبة كانت جدًا رائعة. " قلبي فوزني".. عبارة قلتيها.. لماذا؟ لا أخفي عليك.. طفولتي كانت صعبة، وحياتي عبارة عن معركة، ودائمًا كنت أقول: ساحة التايكوندو أشعر فيها بأمان، لا أجده في الحياة العادية التي كانت قاسية علي إلى حد ما، وإذا كان لدى اللاعب قلب قوي وجسور سيفوز، وأحيانًا الألعاب القتالية لا تعتمد على فنيات القتال فقط، بل يجب أن يكون قلبك قويًا وشجاعًا؛ لذا دخلت النهائي بشعار" حياة أو موت" فما أتلقاه من ضربات في النزالات لن تكون أقوى من ضربات الحياة الخارجية، وأحيانًا كنت أبكي في المران- ليس خوفًا- ولكنني لا أريد الخسارة؛ لأن كان هناك أشخاص كثر راهنوا على خسارتي، لكن طموحي وثقتي بنفسي كانا أكبر من رهانهم. ماذا لو خسرت إيثار؟ مدربي دائمًا ما يقول: هناك لاعبون موهوبون، وهناك لاعبون مصنوعون، وأنا لو ما استغللت النعمة التي وهبني الله إياها في التايكوندو، ممكن ما يعطيني شيئًا آخر، فقلت لنفسي لو خسرت خلاص ما أزعل. في النهاية البطولات التي فيها جوائز مالية، هي رزق، وأحيانًا نخسر مباريات أمام لاعبين ولاعبات أقل مستوى وموهبة. وأنا أؤمن أن التعثر يجب أن يكون دافعًا للانطلاق. ماذا قدم نادي العلا لك؟ نادي العلا قدم لي عقدًا محترمًا، ومساحة للتألق دون أي ضغوط، مسموح لك أن تخطئ؛ شرط أن تتعلم وتتلافى تلك الأخطاء في المستقبل. المرافق الإداري بنادي العلا الأستاذ مشعل لعب دورًا كبيرًا في إبعادي عن أي ضغط أثناء منافسات الألعاب السعودية، ووفر لي كافة السبل للإجادة، وأبعد عني أي مؤثرات خارجية يمكن أن تؤثر على حالتي المعنوية. وكان يشجعني باستمرار على الفوز؛ حتى وفقني الله وحصدت الذهبية. كلمة أخيرة؟ الحمد الله، أنني وصلت لهذا اليوم- بفضل الله- ثم بفضل قيادتنا الرشيدة، على دعمهما للمرأة السعودية، لكي تصل إلى ما وصلت إليه.