يبدو أننا بحاجة إلى إعادة النظر في موضوع مهم وهو متابعة تنفيذ البلاغات المتعلقة بالخدمات العامة والبلدية والتجارية والصحية. ما هو متداول بين الناس أن عدداً من الجهات: (أمانات، بلديات، وزارة صحة، وزارة تجارة، مواصفات، الجهة المسؤول عن السيارات، عن الورش، عن البناء، عن جودة الطريق، عن مباشرة الحوادث المرورية، عن ازدحام الشوارع والطرق، عن تجاوزات دبابات التوصيل، عن عدم دقّة المعلومات على السلع، عن عدم تطبيق قرارات التوطين، عن شبهة التستر، عن عمالة تستخدم دبّابات تنقُّل صغيرة دون لوحات، وغيرها)، هذه الجهات في منشوراتها وإعلاناتها وفي حساباتها في وسائل التواصل، تحثّ المستهلك والناس جميعاً على ضرورة الابلاغ عن أي خلل في تنفيذ الخدمات، وأسعار السلع، يلاحظه المواطن، أو أي تقصير في خدمة صحية، أو بلدية، أو ما فيه حفظ لحق المستهلك. وتضع هذه الجهات وسائل تبليغ، إما أرقام هواتف، أو تطبيقات، وكل هذه وسائل حضارية جميلة، وتسر وتبهج المواطن الحريص على جودة الخدمات ودقة تنفيذها، لكن أين الخلل؟ يأتي الخلل من التغذية الراجعة من الجهة نفسها للمواطن بشأن البلاغ. فالمواطن لا يعلم ولا يتم إبلاغه عن تنفيذ الطلب ولا عن مباشرة الشكوى ولا عن تطبيق النظام بحق من تجاوز على حق مستهلك. في الغالب لا يتم التواصل مع من قدم البلاغ، ولا يؤخذ رأيه في مسألة إغلاق البلاغ. ولا يُسأل: هل أنت أيها المواطن راض عن تنفيذ الخدمة من قبل فرق البلدية أو التجارة أو الصحة؟ في الغالب تصل إلى جوال المبلِّغ رسالة نصية أنه تم تنفيذ البلاغ، وأنه تم إغلاق الشكوى. وهنا مربط الفرس، وهنا الملاحظة التي ننقلها لكل الجهات، وهي: كيف يتم إغلاق شكوى دون طلب رأي وموافقة الشاكي؟ الواقع المشاهد أن بعض الجهات إستمرأت إغلاق الشكوى من تلقاء نفسها، ودون الرجوع إلى صاحب الشكوى: هل يوافق على إغلاق الشكوى؟ هل تم تنفيذ طلبه؟ هل هو راض عن التنفيذ؟ يفترض ألا تغلق أي شكوى قبل العودة إلى مقدمها، وأخذ رأيه الصريح والواضح بشأن إغلاقها، وأن تكون هناك طريقة حضارية لإغلاقها ، أو تظل مفتوحة وتتم متابعتها من إدارة مستقلة محايدة أو من هيئة نزاهة. نعتقد أن هذا الأسلوب الحضاري، طُبِّق في وقت سابق لدى بعض الجهات، لكن يبدو أنها تراجعت عن ذلك. ومن الأعذار الواهية التي تتذرع بها الوزارات والجهات، أن الموظف يتصل بصاحب الشكوى من رقم سنترال الوزارة، أو المدينة الطبية، وفي حال عدم تمكن المواطن من الرد في أول اتصال، يتم إغلاق الشكوى ويكتب في المعاملة: تم الاتصال بصاحب الشكوى ولم يرد. فيضيع حق المواطن بين هذا وذاك. موضوع البلاغات والشكاوى من تردّي الخدمات، ومتابعة تنفيذها، والتشّديد على عدم إغلاقها دون معرفة وموافقة المواطن، هو زبدة الكلام في حديثنا اليوم.