تقصّ إسبانيا المتألقة بجناحين موهوبين، وفرنسا الصائمة هجوميًا والصلبة دفاعيًا، شريط نصف نهائي كأس أوروبا 2024 مساء اليوم في ميونيخ، بعد أن أصبحتا قوتين مهيمنتين على كرة القدم القارية والعالمية. منذ مونديال 1998 الذي أحرزته فرنسا على أرضها، بلغ المنتخبان نهائي 9 بطولات كبرى، وتأمل إسبانيا في الانفراد بالرقم القياسي في عدد ألقاب كأس أوروبا، الذي تتشاركه راهنًا مع ألمانيا، مع ثلاثة بطولات في 1964، 2008 و2012، فيما تبحث فرنسا عن اللحاق بثنائي الصدارة بعد فوزها في 1984 و2000. وتألقت إسبانيا في البطولة المقامة راهنًا في ألمانيا، خصوصًا باللعب الأنيق للجناحين الشابين السريعين لامين جمال (16 عامًا) ونيكو ويليامز (21 عامًا). في المقابل، فإن فرنسا التي كانت أقوى المرشّحين مع إنجلترا (تواجه هولندا غدًا الأربعاء في نصف النهائي) قبل انطلاق البطولة، وقعت في فخ هشاشتها الهجومية التي عمّقها تعرّض قائدها وهدافها كيليان مبابي لكسر في أنفه في المباراة الافتتاحية. لم تسجّل فرنسا سوى 3 أهداف في 5 مباريات، اثنان من نيران صديقة ضد النمساوبلجيكا، وواحد من ركلة جزاء لمبابي ضد بولندا. قال لاعب وسطها أوريليان تشواميني ساخرًا:" نحن في نصف النهائي دون أن نسجّل، هذا تاريخي.. رغم ذلك، علينا التسجيل". لكن وصيفة مونديال 2022 لم تستقبل سوى هدف يتيم من ركلة جزاء أمام بولندا، قبل أن تتخطى بلجيكا 1-0 في ثمن النهائي، ثم البرتغال بركلات الترجيح في ربع النهائي. في المقابل، تحظى إسبانيا بأقوى هجوم مشاركة مع ألمانيا (11 هدفًا) وأكبر عدد من المحاولات (102) وانتزاع الكرات من الخصم (230)، واقصت ألمانيا المضيفة في ربع نهائي ناري 2-1 انتهى بالوقت الإضافي، وخسارة لاعب وسطها بيدري لالتواء في ركبته. وتعوّل إسبانيا، الوحيدة الفائزة في 5 مباريات كاملة، على موهبة المغربي الأصل جمال صاحب ثلاث تمريرات حاسمة، والذي سيصبح أصغر لاعب يسجّل بتاريخ البطولة بحال هزه شباك مايك مينيان، فيما سجّل ويليامز هدفًا ولعب تمريرة حاسمة. وتخيّم إيجابية كبيرة على معسكر "لا روخا" الذي يقوده المدرب المغمور في العقد الأخير لويس دي لا فوينتي، الذي قال بعد إقصاء المضيفة بهدفي داني أولمو وميكل ميرينو:" هذا حصان فائز". أضاف المدرّب الذي أشرف على العديد من اللاعبين الحاليين في منتخبات الفئات العمرية: "يمكننا الذهاب بعيدًا. هناك الكثير من المعنويات والروح بهذا الفريق". روح سيحتاجها المنتخب الإيبيري في ظل غياب الشاب المتألق بيدري، والمدافعين الموقوفين داني كارفاخال وروبان لونورمان، لكنه يعوّل على صلابة وحنكة لاعب وسطه الدفاعي رودري المتوّج في آخر 4 سنوات بلقب الدوري الإنجليزي مع مانشستر سيتي. بانتظار مبابي في المقابل، تأمل فرنسا في استعادة شهيتها التهديفية في مونديال قطر الأخير، عندما سجّلت 16 هدفًا، بينها 8 لمبابي هداف البطولة. قال اللاعب البالغ 25 عامًا:" من البديهي أن نفوز بالمباريات إذا كنا أكثر فاعلية في الخط الهجومي، لكن في بطولة كبرى لا تتوقع الذهاب بعيدًا إذا لم تكن صلبًا دفاعيًا". ومنذ كأس العالم 2014، أخفق فريق المدرب ديدييه ديشان مرّة يتيمة في بلوغ نهائي بطولة كبرى، كان في النسخة الأخيرة من كأس أوروبا عندما ودّع من ثمن النهائي أمام سويسرا بركلات الترجيح. وأقرّ مدرّبه ديشان الذي يشرف على فرنسا منذ 2012 وقاده إلى لقب مونديال 2018، أن فريقه يجب أن يتحسّن هجوميًا، وقال: "صلابتنا مثالية، وهذا ضروري في بطولة كبرى. عندما لا تسجّل الكثير من الأهداف من الأفضل عدم تلقي الكثير، لكني أفضّل أن نكون أكثر نجاعة". وأحرزت فرنسا لقبها الأوّل في البطولة القارية على حساب إسبانيا بالذات 2-0 عام 1984 الذي ابتسم لنجمها الخارق ميشيل بلاتيني، وعبس بوجه حارس "لا روخا" لويس أركونادا بعد أن ترك ركلة "بلاتوش" الحرّة تتدحرج تحت بطنه. أقصت فرنسا إسبانيا 2-1 في ربع نهائي كأس أوروبا 2000 في طريقها للقب، ثم في دور ال 16 من مونديال 2006 (3-1)، في مباراتين حملتا بصمة زين الدين زيدان. لكن إسبانيا ردّت 2-0 بهدفي تشابي ألونسو في ربع نهائي أوروبا 2012، وهو الفوز الوحيد الكبير لها على خصمتها في بطولة كبرى، فيما انتهت آخر مواجهة كبرى بينهما لمصلحة فرنسا 2-1 في نهائي دوري الأمم الأوروبية أواخر 2021.