لم يدم انقلاب قوات فاغنر على الجيش الروسي سوى 24 ساعة، فسرعان ما أخمد هذا التمرد بموجب اتفاق مع الكرملين، لتطوى صفحة أخطر أزمة أمنية في روسيا منذ عقود. وأعلن قائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، تراجعه من أجل تجنب إراقة الدماء الروسية، قائلا: "أرتالنا تعود أدراجها إلى المعسكرات الميدانية". وبوساطة بيلاروسية وباتفاق يتضمن عدم ملاحقتهم قضائياً، تراجع مقاتلو فاغنر الذين كانوا على مسافة تقل عن 400 كيلومتر من العاصمة الروسية موسكو. وقال حاكم مدينة روستوف الروسية إن مقاتلي جماعة فاغنر العسكرية الخاصة غادروا المدينة الواقعة في جنوب البلاد، ويعودون إلى معسكراتهم الميدانية. وبدأ أفراد الجماعة المدججة بالسلاح، الذين زحفوا نحو موسكو يوم السبت، في التراجع، مما يساهم في خفض التصعيد في تحدّ كبير لقبضة الرئيس فلاديمير بوتين على السلطة، في خطوة قال رئيس الجماعة والكرملين إنها ستؤدي لتجنب إراقة الدماء. وطبقاً لما ذكرته وكالة "تاس" الحكومية الروسية، فإن عدة مركبات على متنها مقاتلو فاغنر غادرت مقر القيادة العسكرية الروسية في الجنوب، إلا أنه مع ذلك ظلت مركبات ثقيلة ومركبات قتالية في مواقعها في بادئ الأمر عند بعض تقاطعات الطرق بالمدينة. ومع تراجع القوات بدأت السلطات الروسية رفع الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي اتخذت في مواجهة تقدم فاغنر. وقال إيغور أرتامونوف حاكم منطقة ليبيتسك الواقعة جنوبموسكو، والتي دخلها مقاتلو المجموعة، عبر تطبيق تليغرام: "بدأ رفع القيود المفروضة. في الأمد القريب سنسمح بعودة الحركة في طرق المنطقة". وذكرت وكالة تاس للأنباء يوم السبت نقلا عن الوكالة الاتحادية للطرق أنه تم رفع كافة القيود التي سبق فرضها على الطرق السريعة في روسيا. وستسقط موسكو بموجب الاتفاق الدعوى القضائية المرفوعة على بريغوجين الذي سيتوجه إلى بيلاروس، بحسب ما أعلن الكرملين، مشيراً إلى أنه لن تتم محاكمة أي من مقاتلي المجموعة التي أدت دوراً قتالياً رئيسياً إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الاتفاق مع بريغوجين هدفه تجنّب إراقة الدماء، مؤكداً أن الهدف الأسمى هو تجنّب حمّام دم وصدام داخلي واشتباكات لا يمكن التنبّؤ بنتائجها. كما لن يلاحق مقاتلو المجوعة قضائياً، وفق ما أعلن بيسكوف قائلاً: "لطالما احترمنا أعمالهم البطولية على الجبهة". من جهة ثانية، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للتلفزيون الرسمي في بلاده، أمس، إنه على تواصل دائم مع مسؤولي وزارة الدفاع، مضيفاً أن بلاده لا تزال واثقة من نجاح خططها المتعلقة بالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، مضيفاً أنه يعطي أولوية قصوى للعملية العسكرية. وشدّد بوتين على أن زيادة حجم إنتاج الأسلحة لتلبية متطلبات الصراع في أوكرانيا يجب ألا ثؤثر على الالتزامات الإجتماعية تجاه المواطنين الروس.