عبد الله صقر – مركز المعلومات جَابر بن حيّان بن عبد الله الكوفي الأَزْدِيُّ عالم مسلم عربي، (101 ه/721 م – 199 ه/815 م) اختُلِفَ من أي بُطُونِ الأزد يُنسَب. برع في علوم الكيمياء والفلك والهندسة وعلم المعادن والفلسفة والطب والصيدلة، عاش جابر بن حيان في القرن الثامن الميلادي، في الوقت الذي تجمّدت فيه العلوم في أوروبا، هاجر والده حيان بن عبد الله الأزدي من اليمن إلى الكوفة في أواخر عصر بني أمية، وعمل في الكوفة صيدلياً وبقي يمارس هذه المهنة مدة طويلة (ولعل مهنة والده كانت سبباً في بدايات جابر في الكيمياء وذلك لارتباط العلمين) له العديد من الإسهامات البارزة في حقل الكيمياء، ويُلقَّب لذلك بأب الكيمياء. اختلفت الروايات على تحديد مكان مولده فمن المؤرخين من يقول بأنه من مواليد الكوفة على الفرات، ومنهم من يقول أنه من مواليد مدينة حران من أعمال بلاد ما بين النهرين في الشام. وقد أطلق عليه العديد من الألقاب ومن هذه الألقاب "الأستاذ الكبير" و"شيخ الكيميائيين المسلمين" و"أبو الكيمياء" قام بتطوير طرقا عملية لفحص افتراضاته وخلق تفاعلات كيميائية معقدة. وقد أتاحت وفرة الأموال والغِنى في هذه الحقبة من الزّمن المجال للكثير من الأبحاث والاكتشافات اللافتة بينما كانت أوروبا غارقة في سبات القرون الوسطى العميق. يعتبر جابر بن حيان من أعظم علماء العصر الذهبي للإسلام وأحد أهم العلماء العرب، ويعد رائد الكيمياء العربية و أول من استخدم الكيمياء عمليًا في التاريخ في بداية القرن العاشر الميلادي، كانت هويّة وأعمال جابر بن حيان مثار جدل كبير في الأوساط الإسلامية. وكانت كتبه في القرن الرابع عشر من أهم مصادر الدراسات الكيميائية وأكثرها أثرًا في قيادة الفكر العلمي في الشرق والغرب، وقد انتقلت عدة مصطلحات علمية من أبحاث جابر العربية إلى اللغات الأوروبية عن طريق اللغة اللاتينية التي ترجمت أبحاثه إليها وعرف باسم "Geber" أو "Yeber" ثقافة وعلم جابر بن حيان أبحر جابر بن حيان في مُختلف أنواع البحور والمعارف الموجودة في عهده، فأخذ علومه عن كبار العلماء، بالإضافة لقراءة وتصفح كتب الكيمياء والسيمياء، وبعض كتب اليونان، والهنود، والفرس، والسريان، واليهود، كما امتاز بأنه قوي العقل شديد الذكاء، مما ساعده بالتعرف على الصناعة واستخلاص زبدتها، كما بحث في النجوم، وفي علوم النباتات ومُختلف أنواع العلوم الطبيعيّة الأخرى، وألف عن علومه العديد من الكتب بعضها في أوروبا وبعضها في مكتبة الأستانة، والتي يُقال بأنها تُشبه الألغاز، ولا يُمكن فك شيفرتها وفهمها إلا في حال إحاطة الباحث وعِلمه بجميع ما ورد فيها، ومن جهة أخرى في دراسة المعادن يرى جابر أن للمعدن نفسًا وجسدًا وصفات ظاهرية، وأخرى باطنية، فعلى سبيل المثال في حال علاج الرصاص وزيادة بعض خواصه وإنقاص بعضها الآخر، انقلب الرصاص ذهبًا، كما اشتملت دراساته ورسائله علم ما وراء الطبيعة، وكلامًا على الجسم والنفس، بالإضافة إلى احتواء بعضها على خُلاصة في علم الطب والتشريح، ودراسات عن المخ والرأس والأعصاب والقوة العقلية الحافظة والمفكرة، ليغدو جابر فيما بعد من الأعلام المُسلمين النابغين ممن ذاع سيطهم في العالم الغربي وفي دول أوروبا وأصبحت كتبه ومؤلفاته تحظى باهتمام علماء الإفرنج، فمدحوه وأثنوا عليه وعلى أعماله. الكيمياء قبل الإسلام في حقبة ما قبل الحضارة الإسلامية كانت الخرافات و الأساطير البالية تسيطران على نشأة علم الكيمياء من خلال فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة وذلك لأن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية كانوا يعتقدون المعادن المنطرقة مثل الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والقصدير من نوع واحد، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة الكامنة فيها وهي أعراض متغيرة (نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة، النار والهواء والماء والتراب)، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهي الإكسير. ومن هذا المنطلق تخيل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل علل الحياة ويطيل العمر. المنهج التجريبي لعلوم الكيمياء تأثر بعض العلماء العرب و المسلمين الأوائل كجابر بن حيان وأبو بكر الرازي بنظرية العناصر الأربعة التي ورثها علماء العرب والمسلمين من اليونان. لكنهما قاما بدراسة علمية دقيقة لها، أدت هذه الدراسة إلى وضع وتطبيق المنهج العلمي التجريبي في حقل العلوم التجريبية. في محاولة معرفة مدى صحة نظرية العناصر الأربعة ساعدت علماء العرب والمسلمين في الوقوف على عدد كبير جداً من المواد الكيماوية، وكذلك معرفة بعض التفاعلات الكيماوية. كان ابن حيان يتحيّز بشدة ويحذو حذو المنهج التجريبي القائم على البحث والاستقراء والتجربة كما تبناها البحث العلمي الحديث، وأوضح ذلك في العديد من كتبه مُشيرًا لضرورة استنباط العلوم والمعارف ثم شرحها بعد أداء التجربة ورؤية النتائج المُطلقة بعين الباحث، لا بالاعتماد على الأقاويل التي سمعها أو ما قرأه في صحائف القدماء، ويتجلى منهجه في معمله الذي عُثر عليه بالكوفة في ناحية بوابة دمشق، والذي استخدم فيه المنهج التجريبي خلال دراسته وبحثه وأدخله في علم الكيمياء ، لذا يرجع الفضل إلى علماء المسلمين في تطوير اكتشاف بعض العمليات الكيميائية البسيطة مثل: التقطير والتسامي والترشيح والتبلور والملغمة والتكسيد. وبهذه العمليات البسيطة استطاع جهابذة العلم في مجال علم الكيمياء اختراع آلات متنوعة للتجارب العلمية التي قادت علماء العصر الحديث إلى غزو الفضاء.