كنت قد كتبت في يناير من هذا العام مقالاً بعنوان :"هل نخطّط للمستقبل"، تحدثت فيه عن أهمية التخطيط للمستقبل ووضع الأهداف الواقعية لتحقيقها وأود في هذا المقال ، التركيز علي أهمية التخطيط المالي للفرد والأسرة. ما شجعني على كتابة هذا المقال هو كثرة سماع مقولة :"اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب". مقولة لا تمتّ الى ما يجب أن يكون عليه واقع الفرد أو ربّ الأسرة. -للأسف- إني أسمعها من أشخاص متقدمين في العمر، حيث دأب هؤلاء على الإعتماد على العيش من راتب الى راتب، دون المحاولة لتطوير مصادر الدخل أو حتى التنظيم المالي والإدخار ، ودونما أي إعتبار لما يخبئه المستقبل من صعوبات مالية -لاسمح الله-. والكثير منهم -للأسف- لا يلجأ للإستشارات المالية أو للتخطيط ، إلّا بعد أن يقع الفأس في الرأس. إلى جانب المهارة في التخطيط للمستقبل، فيما يعتبر التخطيط المالي من أهم المهارات التي لا يمتلكها إلّا القليل. إن من لا يجيد مهارة التخطيط المالي في الغالب ، يجد نفسه يواجه مواقف لا يُحسد عليها مثل تراكم الديون أو عدم القدرة على تسّديد الفواتير أو الإدخار للحالات الطارئة، ممّا يؤثر على الحياة اليومية للأسرة والفرد ، ويؤثر بشكل خاص على القُدرة العقلية والنفسية على ربّ الأسرة. وعلى النقيض من ذلك ، فإن أولئك الذين يخطّطون للمستقبل ماليًا ،هم أكثر إستعدادًا لتجاوز النفقات غير المتوقعة والتحدّيات المالية. أحد أسباب ضعف التخطيط المالي لدى بعض الناس ، هو أنهم ببساطة لا يمتلكون معرفة كافية بالموضوع ففي مجتمع اليوم لا يتم دائمًا إعطاء الأولوية للتعليم والوعي المالي في المدارس أو المنازل ، ممّا يتسبّب في عدم فهم إدارة الأموال. سبب آخر هو إغراء الإشباع الفوري إذ يمكن أن يتصاعد الإندفاع في الشراء والإفراط في الإنفاق بسرعة ، مما يؤدي إلى ديون غير ضرورية ومشاكل مالية. فتجد الفرد يسعى لشراء "جوّال" باهظ الثمن وهو لا يريده، أو الإنفاق ببذخ في السفر. كم عدد الأشخاص الذين وجدوا أنفسهم وقد وصلوا الى مرحلة التقاعد دون وجود مدخرات كافية أو حققوا هدف شراء منزل للأسرة أو الإدخار لمصاريف دراسة أبنائهم؟ كم عدد الاشخاص الذين وجدوا أنفسهم وقد غرقوا في ديون البطاقات الإئتمانية بسبب سوء التخطيط في الإستخدام ؟ كم وكم وكم ؟ كلما بدأ الفرد في التخطيط المالي مبكرًا ، كلما كان ذلك أفضل. ومع ذلك ، يؤجل الكثير من الناس التخطيط حتى يواجهوا تحدّيات في وقت لاحق من حياتهم وفي هذه المرحلة ، يصبح التعافي المالي أكثر صعوبة. يجب على الآباء تعليم أطفالهم أن التخطيط المالي ضروري ، حتّى في سن باكرة. يمكن أن يؤدي البدء صغيراً بالميزانيات والبدلات -على سبيل المثال -، إلى عادات مالية جيدة في وقت لاحق. ويمكن إشراك الأطفال في إجتماعات الميزانية المنزلية وشرح كيفية إتخاذ القرارات المالية . وعندما يكبر الأطفال ، يمكنهم البدء في إدارة شؤونهم المالية ، مثل فتح حساب توفير أو إدارة المخصّصات. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن للمدارس دمج التعليم المالي في مناهجها الدراسية لمساعدة الطلاب على تطوير فهم أفضل لإدارة الأموال.