واكبت وزارة الثقافة التطورات المتنامية في المشهد الثقافي على مستوى العالم، ورسمت استراتيجيتها الرامية إلى تحقيق تحول ثقافي شامل وواسع النطاق، بحيث يصبح واقعاً ملموساً في قادم الأيام، وذلك بإعلان صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة منتصف الأسبوع الماضي إطلاق إستراتيجية الثقافة تحت شعار "ثقافتنا هويتنا"، في مؤتمر شهد حضوراً كبيراً من المهتمين بالمجال الثقافي. وجاء تأسيس وزارة الثقافة في الثاني من يونيو عام 2018م، ليؤكد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – على نمو القطاع الثقافي في المملكة والوصول به إلى المشهد العالمي. وتهدف رؤية وزارة الثقافة إلى إرساء الأطر الاستراتيجية اللازمة لعمل الوزارة، بهدف تطوير القطاع الثقافي السعودي وجهة رئيسية لتحقيق الأهداف والرؤى في المجالات المعنية بها كافة، ورسمها على أرض الواقع بأعلى المعايير والجودة، مواكبة لأهداف رؤية المملكة 2030م، وبناء وتعزيز الشراكات الثقافية والأنشطة المشتركة مع الدول الأخرى، إضافة إلى تشجيع الشركاء كافة على بذل ما في وسعهم لإتاحة منتجاتهم الثقافية باللغة العربية الفصحى، وتمكين أكبر عدد من الأفراد للاستفادة من البرامج المقدمة، فضلاً عن تكريس حضور المملكة في المحافل الثقافية العالمية ما ينعكس إيجاباً على الحضور الثقافي، والترويج لمختلف الأعمال والإبداعات الفنية والثقافية السعودية. وتتمحور رؤية وزارة الثقافة وتوجهاتها إلى جعل الثقافة نمط حياة رئيس، ومساهماً في نمو الاقتصاد الوطني، ويعزز مكانة المملكة الدولية حيث حرصت الوزارة عند وضع رؤيتها على مشاركة الجميع من مختلف الأطياف في المملكة والشركاء المحليين والدوليين والخبراء الثقافيين والجهات المعنية بالقطاع بهدف تحديد أولويات التنمية الثقافية في المملكة. وتضمنت رؤية وزارة الثقافة على ستة محاور عمل رئيسي من خلال قيادة القطاع الثقافي لضمان وجود الأطر التنظيمية والتشريعية المناسبة والفعالة، وكذلك تطوير البيئة الثقافية ودعم الجهات لتكون أكثر قدرة على المشاركة الفعالة في تنمية القطاع الثقافي، إضافة إلى الأطر التنظيمية الممكنة، والتبادل الثقافي العالمي، وتقدير المواهب ورعايتها، فضلاً عن حفظ التراث والثقافة السعودية، بمنهجية وآليات تثمن النجاحات والإنجازات المحققة داخل القطاع الثقافي. وشملت رؤية وزارة الثقافة وتوجهاتها 16 قطاعاً، تبدأ بالاهتمام بالمتاحف والتراث، واللغة العربية، وكذلك الأفلام والعروض المرئية والموسيقى، إضافة إلى الشعر والفنون البصرية، والمكتبات، والتراث الطبيعي والأزياء والفنون الأدائية والمهرجانات، إضافة إلى الكتب والنشر والعمارة والتصميم والمواقع الثقافية والأثرية والطعام وفنون الطهي. وتهدف الرؤية إلى تمكين وتشجيع المشهد الثقافي، بما يعكس حقيقة الماضي العريق، والمساهمة في بناء مستقبل يعتز بالتراث، ويفتح للعالم منافذ جديدة ومختلفة للإبداع والتعبير الثقافي، حيث تتطلع الوزارة إلى الإسهام في ازدهار القطاع الثقافي، ما ينعكس إيجاباً في تعزيز الهوية الوطنية، ودفع عجلة النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة، إضافة إلى زيادة فرص العمل وتقوية النسيج الاجتماعي، ورفع مستوى السعادة. وتعمل وزارة الثقافة على استحداث كيانات قطاعية جديدة مختصة، مهمتها الإشراف المباشر على تنمية القطاعات الثقافية الفرعية، لضمان أقصى مستويات الكفاءة والفعالية في تنفيذ الرؤية والتوجهات، حيث تبلغ عدد الكيانات التي ستستحدثها الوزارة أحد عشر كياناً تضاف إلى الكيانات الثلاثة القائمة حالياً في المملكة لإدارة قطاعات ثقافية فرعية، وهي قطاعات التراث الطبيعي والمواقع الثقافية والأثرية والمهرجانات والفعاليات، وتختص هذه الكيانات الجديدة بالقطاعات الفرعية الأخرى التي تبنتها الرؤية والتوجهات على أن يختص كل كيان بقطاع فرعي واحد، باستثناء قطاعات اللغة والشعر والكتب والنشر، التي ستكون تحت كيان واحد، نظراً للترابط الكبير بينها. وتحرص وزارة الثقافة على تحقيق الاستمرارية في الحراك الثقافي في المملكة، وأخذ العمل الثقافي إلى آفاق تضمن تكريس مفاهيم التعايش والحوار والسلام، وذلك وفق خطى واثقة تعتمد على خطة وعملٍ منظم ومدروس، باتجاه مستقبل أكثر ازدهاراً ونماء، للذهاب بثقافتنا إلى مكانتها التي تليق بتاريخها وإرثها وتقاليدها العريقة على النطاق العالمي، وتتبوأ حضارتها موقعها الصحيح بين حضارات العالم. تتماشى هذه الأهداف بدقة مع المحاور الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، والمتمثلة في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح. في هذا الإطار، تسعى وزارة الثقافة إلى تطوير الإمكانيات وتعزيز الفرص والقدرات في القطاع الثقافي، من خلال بث كافة جوانب التراث الثقافي السعودي في أوصال الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين، مما يجعلهم ينعمون بحياة عامرة وصحية. للثقافة مفهوم واسع، وقد حددت وزارة الثقافة 16 قطاعاً فرعياً ذا أولوية للتركيز عليها في عملها، ومن أجل تعزيز قدرتها على أن تقود وبفعالية المبادرات الرائدة في مختلف مجالات القطاع الثقافي. وتنص رؤية وتوجهات الوزارة على استحداث 11 هيئة لتنمية القطاعات الثقافية.