يعاني ما يقرب من بليون شخص حول العالم من شكل من اشكال الاضطرابات العقلية، وجاء ذلك في رسالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في عام 2020 ، وهو ما يشير إلى أنه هناك أنواع عديد ومختلفة من الاضطرابات العقلية قد تكون نادرة الحدوث ولا يوجد لها أسباب واضحة حتى الان. لكن يجب التعامل مع هذه الأضطرابات والتأقلم عليها وتوفير سبل الراحة للمرضى الذين يعانون منها، ومن هذه الاضطرابات (متلازمة التوريت) ، وهى عبارة عن اضطراب يشتمل على حركات تكرارية أو أصوات غير مرغوب بها (حركات لا إرادية) لا يمكن السيطرة عليها بسهولة. ولأنها نادرة الإصابة، فقد فسرها البعض على أنها مس شيطاني "التملك" بسبب الحركات والاصوات اللإرادية التي يعاني منها المصاب، مثلما يعتقد البعض مع مرضى الفصام والذهان . وقد التقت صحيفة (البلاد) بالدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، حيث قال تعتبر متلازمة التوريت من المتلازمات القديمة ، حيث أنها تعود إلى القرن الخامس عشر، عندما أصيب أحد الكهنة بها، واعتقد من حوله أنه أصيب بمس شيطاني، لكن تم التعرف عليها بصور علمية ومقننة وتم تصنيفها كمرض نفسي في قواميس الطب النفسي في نهاية القرن ال 19 تحديدا عام 2000. سبب التسمية وتم تسميتها بتوريت نسبة إلى العالم جورج جيل دو لا توريت، وهى اضطراب جيني ، و تصنف في علم الأعصاب بأنها أحد اضطرابات النفضة، في الغالب يتم الخطأ في تشخيصها ما بين التوحد والصرع والغدة الدرقية. مشاهير العالم المصابين بالتوريت ولكن يبقى أن هذه المتلازمة لا تؤثر على ذكاء الانسان، بدليل أنه هناك مشاهير في العالم كانوا مصابين بهذه المتلازمة منهم الاديب الانجليزي صمويل جونسن ، فقد كان له قاموس لمصطلحات اللغة الانجليزية ، والموسيقى العالمي موتسارت، البعض أشار أنه مصاب بمتلازمة التوريت. الأعراض تظهر متلازمة التوريت على شكل حركات عصبية لا إرادية، غالبا ما يصاحبها متلازمات صوتية متكررة "النعرات" ، مع شهيق النفس في الأنف والحلق. سبب المرض وأضاف هندي أنه لا يوجد سبب علمي حتى الان لمتلازمة التوريت لكن البعض يرجعها إلى سبب جيني، وبالرغم من ذلك قد يكون هناك أسباب نفسية وبيئية مثل بعض أمراض المناعة والبكتيريا العقدية ، او مرض بسبب مرض الوسواس القهري ، أو الضغوط النفسية والمجتمعية مثل عمالة الاطفال ، و الاشخاص الذين يعانون من نقص الانتباه وفرط الحركة كما أنه يصاب بها الذكور أكثر من الإناث. تشخيص المرض ويتم اكتشاف هذه المتلازمة غالبا في مرحلة الطفولة من سن 5 إلى 7 سنوات ، وتشتد من سن 8 إلى 12 سنة وتنخفض في سن المراهقة وتكون بسيطة جدا عند كبار السن. ويتم تشخيص المتلازمة عن طريق إجراء الفحوصات مثل أشعة الرنين المغناطيسي على الدماغ لاستبعاد أي خلل آخر ، تخطيط أمواج دماغ لإستبعاد حالات الصرع، قياس هرمون منبه الدرقية، تحليل البول لاستبعاد أي منشطات أو الكوكايين ، وفحوصات استبعاد مرض ويلسون، كما يتم قياس نسبة النحاس بالجسم، لأن الإصابة بالكبد من الممكن أن تعطي نفس هذه الاعراض، بالاضافة إلى فحوصات الكشف عن اضطرابات النمو والتوحد واضطراب الحركة النمطية ، بالإضافة إلى فحوصات مرض الرقاص. طرق العلاج وأوضح هندي انه في الغالب جميع حالات متلازمة توريت تكون خفيفة ولا تحتاج إل علاج دوائي، فالعلاج يكون نفسي سلوكي معرفي، فيجب أن يعلم المريض طبيعة مرضه واعراضه ، ولابد من طمأنة المريض حتى لا يشعر بالقلق، بالإضافة إلى الدعم النفسي من الاسرة والاصدقاء والمدرسة. وقال دكتور خليل فاضل استشاري الطب النفسي وزميل الكلية الملكية للطب النفسي بلندن لصحيفة (البلاد) أنه لا يوجد سبب واضح وصريح حتى الان لمتلازمة التوريت، ولكن الإحتمال الاكبر هو اضطراب مادة الدوبامين في المخ في مناطق معينة ، وأضاف أن العلاج الدوائي عنصر رئيسي في برنامج علاج متلازمة التوريت حيث أنه يساعد بنسبة كبيرة في حالات الشفاء، بجانب العلاج النفسي والسلوكي. وأوضحت أمل محسن استشاري الصحة النفسية وعضو المجلس الأمريكي للمستشارين النفسيين لموقع صحيفة (البلاد) أن متلازمة التوريت تعتبر مرض نادر، وعلقت محسن هناك دراسات أبحاث تشير إلى أن الحركات اللإرادية والأصوات التي تصدر من مريض التوريت هى عبارة عن حقائق داخله لا يستطيع الافصاح بها أو التعبير عنها، فأحيانا عدم الثقة بالنفس قد يحدث صدمة تنتج عنها حركات لا إرادية بدرجات متفاوتة. استراتيجيات العقل اللاواعي وتابعت أمل محسن أن علم النفس يشير إلى أن العقل اللاواعي لكل إنسان له استراتيجيات للحماية من الصدمات والالم التي من الممكن أن يكون تعرض لها الإنسان في الصغر أو عندما كان جنين عن طريق مشاعر الأم السلبية أو الايجابية التي تنتقل له، وهذه الاستراتيجيات تتمثل في الاكتئاب والعزلة والحركات اللاإرادية والغضب والانفتاح والهجوم والتنمر (لا يوجد سلوك غير سوي يقوم به الإنسان الإ اذا كان ورائه سبب نفسي). ثقافة المجتمع بطبيعة المرض ونصح الطبيب والمعالج النفسي على شوشان أنه يجب على مريض التوريت التأقلم مع الوضع على أن يعي المريض أن هذه الحركات اللاإرادية عادة ما تبلغ ذروتها في بداية مرحلة المراهقة وتتحسن مع تقدم العمر. وينوه علي شوشان أنه يجب تثقيف أفراد المجتمع بطبيعة المرض مثل المعلمين وسائقي المواصلات ، كل من يتفاعل مع الاطفال الذين يعانون من متلازمة التوريت . كما أكد شوشان على أهمية وعي وإدراك الاباء والامهات بطبيعة المرض حتى يستطيعوا التعامل مع الطفل .