تؤكد المملكة دائما وبمواقف عملية على ثوابتها الراسخة لسياستها الرصينة وعلاقاتها الدولية المتوازنة ، والإسهام الفاعل في جهود حل الأزمات بالطرق السياسية ، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. ولطالما أكدت وقوفها دائما على مسافة واحدة بين أطراف الصراعات ، في الوقت الذي تواصل فيه دورها الإنساني الرائد، ويتجلى ذلك في موقفها المتوازن من الأزمة الروسية -الأوكرانية الراهنة ، والذي يدحض التصريحات بحق المملكة التي لاتستند إلى حقائق. وهذه المواقف الكبيرة وما تعكسه من المكانة الرفيعة للمملكة، تجسدت في الاتصال الهاتفي ، الذي أجراه سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بالرئيس فلاديمير زيلينسكي، رئيس أوكرانيا ، وما أكد عليه سموه بأن تصويت المملكة لصالح القرار نابع من دعمها للالتزام بالمبادئ الراسخة في ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي وتأكيدها على احترام سيادة الدول، ومبادئ حسن الجوار، وحل النزاعات بالطرق السلمية ، ودعم كل ما يسهم في خفض حدة التصعيد، واستعداد المملكة للاستمرار في جهود الوساطة. لقد عبر فخامة الرئيس الأوكرانى عن شكره وامتنانه لتصويت المملكة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وتقديره لاستعداد سمو ولي العهد الاستمرار في جهود الوساطة الهادفة إلى إيجاد حل للأزمة ، وكذلك قرار قيادة المملكة بتقديم حزمة مساعدات إنسانية إضافية لأوكرانيا بمبلغ 400 مليون دولار والتي ستسهم في تخفيف معاناة المواطنين الأوكرانيين في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد، وأن الشعب الأوكراني لن ينسى هذه المواقف الإنسانية النبيلة التي تثبت صداقة المملكة العربية السعودية لأوكرانيا.
الحكمة والاتزان إن السياسة السعودية مشهود لها دائما بالحكمة والاتزان على كافة الأصعدة ، وتؤكد عليها القيادة الرشيدة ، وتترجمها المملكة عمليا ، وفي اجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، حفظه الله ، نوه المجلس بالدور المحوري الذي تقوم به مجموعة "أوبك+" في تحقيق التوازن والاستقرار في أسواق البترول العالمية، وبالتالي دعم الاقتصاد العالمي. أيضا تأكيد خادم الحرمين الشريفين خلال كلمته ، أيده الله ، عبر الاتصال المرئي أمام أعمال الدورة ال (76) للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ، أن "المملكة العربية السعودية تحرص على تعافي الاقتصاد العالمي، وهو ما يتجلى في الجهود الريادية التي بذلتها، بالتعاون مع شركائها في تحالف أوبك بلس، وفي إطار مجموعة العشرين، لمواجهة الآثار الحادة التي نجمت عن جائحة كورونا، ولتعزيز استقرار أسواق البترول العالمية وتوازنها وإمداداتها، على نحو يحفظ مصالح المنتجين والمستهلكين". من هنا جاء بيان وزارة الخارجية الذي أكد رفض المملكة التام للتصريحات الأمريكية الصادرة تجاهها ، والتي تضمنت وصف قرار "أوبك بلس" بأنه بمثابة انحياز للسعودية في صراعات دولية وأنه قرار بني على دوافع سياسية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد بيان الخارجية ، أنه في الوقت الذي تسعى فيه المملكة للمحافظة على متانة علاقاتها مع كافة الدول الصديقة، فإنها تؤكد في الوقت ذاته أنها لاتقبل الإملاءات وترفض أي تصرفات أو مساعي تهدف لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية.
حقائق ناصعة لقد أكد بيان وزارة الخارجية السعودية على موقف واضح وحقائق عدة مهمة تعبّر عن منطلقات المملكة في علاقاتها المتزنة وسياستها البترولية كرمانة ميزان للجهود الجماعية لاستقرار السوق العالمية وتوازن الأسعار بما يراعي مصالح جميع الدول ونمو الاقتصاد العالمي الذي فيه أيضا مصالح دول العالم كافة ، ولهذا جاء رفضها القاطع لتفسيرات خارجية جانحة لا أساس لها في سياسة المملكة ، ومن ثم رفضها الحاسم لأية ضغوط لتغيير بوصلتها المتوازنة الساعية دائما إلى استقرار العالم وتعافي ونمو اقتصاداته ، وتأكيد تأييدها لقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة بالقضايا والأحداث العالمية.
توازن المصالح – اولى هذه الحقائق ، رفض حكومة المملكة التام لتلك التصريحات الأمريكية التي لا تستند إلى الحقائق، وتعتمد في أساسها على محاولة تصوير قرار "أوبك بلس" خارج إطاره الاقتصادي البحت، وهو قرار اتخذ بالاجماع من كافة دول المجموعة. في هذا الجانب جاء تأكيد المملكة وبوضوح تام ، على أن مخرجات اجتماعات "أوبك بلس" يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي من الدول الأعضاء ولا تنفرد فيه دولة دون باقي الدول الأعضاء، ومن منظور اقتصادي بحت يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهو ما دأبت عليه المجموعة الموسعة للدول المنتجة ، كما أن مجموعة "أوبك بلس" تتخذ قراراتها باستقلالية وفقا لما هو متعارف عليه من ممارسات مستقلة للمنظمات الدولية. على ضوء ذلك يتجلى حرص المملكة على التشاور مع دول خارج المجموعة بشأن توقعات عدم استقرار الأسواق البترولية في حال تركها دون ضبط توازنها وأضرار ذلك على الاقتصاد العالمي ، حيثما أشار بيان الخارجية ، بأن حكومة المملكة من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأمريكية أوضحت أن جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر حسب ما تم اقتراحه سيكون له تبعات اقتصادية سلبية. موقف مبدئي – ثانيا : على الصعيد السياسي جاء بيان الخارجية بشأن موقف الرياض الواضح من الأحداث الدولية الراهنة ، إذا أكدت أن محاولة طمس الحقائق فيما يتعلق بموقف المملكة من الأزمة الأوكرانية هو أمر مؤسف ولن يغير من موقفها المبدئي وتصويتها بتأييد القرارات المتخذة في الأممالمتحدة تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية، انطلاقاً من تمسك المملكة بضرورة التزام كافة الدول بميثاق الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي ورفضها لأي مساس بسيادة الدول على أراضيها.
رفض الإملاءات – ثالثا ، وعلى ضوء الموقف المبدئي في علاقاتها الدولية المتوازنة ورفض تسييس موقفها ضمن التوافق الجماعي لمجموعة "أوبك بلس"، فقد أكد البيان على أن المملكة وهي تسعى للمحافظة على متانة علاقاتها مع كافة الدول الصديقة، فإنها في الوقت ذاته لاتقبل الإملاءات وترفض أي تصرفات أو مساعي تهدف لتحوير الأهداف السامية التي تعمل عليها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات الأسواق البترولية.
منظور استراتيجي – رابعا : إن المملكة وهي تحافظ على المبادئ المرعية في نهجها المتزن كدولة رشيدة في سياستها وإيجابية في علاقاتها على أسس المصالح المتبادلة ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة ، فإنها تحرص على أيضاح سبل معالجة التحديات الاقتصادية ، بإقامة حوار بناء غير مسيّس، والنظر بحكمة وعقلانية لما يخدم مصالح الدول كافة. وفي هذا السياق أكدت المملكة أنها تنظر لعلاقتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية من منظور استراتيجي يخدم المصالح المشتركة للبلدين، وتشدد على أهمية البناء على المرتكزات الراسخة التي قامت عليها العلاقات السعودية الأمريكية على مدى العقود الثمانية الماضية، المتمثلة في الاحترام المتبادل وتعزيز المصالح المشتركة، والإسهام الفعال في الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ومكافحة الإرهاب والتطرف وتحقيق الازدهار والرخاء لشعوب المنطقة.