تصاعدت المخاوف من وقوع اغتيالات وتصفيات عبر المليشيا الإيرانية لصب الزيت على نار الخلافات في العراق، بعد أن كشفت برقية سرية سربت من قيادة عمليات بغداد، تحذر فيها من احتمال حصول اغتيالات داخل العاصمة، من قبل من سمَّتهم "مجاميع مسلحة" بواسطة سيارات لا تحمل لوحات مرورية أو مظللة، بالإضافة إلى دراجات يستقلها أكثر من شخص. ويأتي التحذير بالتزامن مع نزول المئات من أنصار "ثورة تشرين" إلى ساحة النسور ببغداد أمس للمطالبة بحل الأزمة السياسية المستمرة منذ أشهر، ووقف التدخلات الإيرانية في البلاد، كما جاء بعد أيام على اشتباكات عنيفة شهدتها العاصمة أدت إلى مقتل 30 شخصاً وإصابة العشرات جراء قتال مسلح بين أنصار الصدر ومسلحين موالين للإطار التنسيقي، الذي يضم أحزاباً وفصائل موالية لطهران، وبعد اشتباكات وتوترات في محافظة البصرة أيضاً جنوبالعراق بين الصدريين وعصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي، فيما دفع هذا المشهد المتوتر، رغم الهدوء الحذر الذي ساد لاحقاً العديد من المراقبين والمحليين العراقيين والسياسيين إلى التحذير من احتمال عودة الاقتتال والاغتيالات أيضا، لاسيما إذا مضى الإطار، الخصم الأشد للصدر، في خطته الدعوة لعقد جلسة برلمانية، من أجل انتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة جديدة. ويبدو أن الإطار التنسيقي، الذي يضم نوري المالكي، وتحالف الفتح، بالإضافة إلى فصائل وأحزاب موالية لإيران، لن يتخلى عن مرشحه لرئاسة الحكومة في العراق، على الرغم من الاشتباكات التي حصلت الأسبوع الماضي، مع أنصار التيار الصدري، في قلب العاصمة بغداد، مبشرة بتصاعد عنيف للأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ أشهر، فقد قرر قادة الإطار بعد اجتماع في منزل المالكي زعيم ائتلاف دولة تأجيل مسألة عقد جلسة للبرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة إلى ما بعد منتصف الشهر الجاري. إلا أنهم أكدوا عزمهم المجيء إلى بغداد لاحقاً، بمرشح واحد لمنصب رئاسة الوزراء، مع السعي لمواصلة الحوار مع الكتل السياسية المختلفة، ومنها الكردية للإسراع بتسمية رئيس الجمهورية، مشددين على أن الإطار لن يتراجع عن تسمية محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، وهو الاسم الذي أجج نار الخلاف بين الإطار وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. ويرفض العراقيون تحكم إيران في مقاليد الأمور بالبلاد، ففي تظاهرة الجمعة الماضية بساحة النسور طالب الجميع بإنهاء الفساد والمحاصصة، مرددين هتافات منددة بتدخل طهران في شؤون العراق، قائلين "إيران ما تحكم بعد". وقالت وكالة الأنباء العراقية إن المسيرة، التي شارك فيها متظاهرون من قوى حركة تشرين قدموا من عدة محافظات، جرت وسط إجراءات أمنية مشددة. ووقعت تلك الاشتباكات إثر نزول عشرات الآلاف من أنصار الزعيم الصدري إلى الشارع للتعبير عن غضبهم، بعد إعلانه "انسحابه النهائي" من الحياة السياسية، فيما تضامنت العديد من المحافظاتالجنوبية مع تلك التظاهرات لاسيما البصرة. من جهته، قال القيادي في التيار الصدري، محمد العبودي، إن حلم حكومة المليشيات أصبح في خبر كان، كاشفاً عما جناه التيار خلال الأحداث الأخيرة، مشيرا إلى أن مظاهراتهم الاحتجاجية أنهت آمال المليشيات، في تشكيل الحكومة والعودة إلى السلطة بالعراق، فيما أشار إلى أن "الطرف الثالث"، هو من سفك دماء المتظاهرين عند الخضراء، وقبلها "تشرين". وقال مسؤول هيئة "البنيان المرصوص"، التابعة للتيار الصدري، وعضو لجنة المظاهرات محمد العبودي، إن "القرار بعدما كان خارجياً وبتنفيذ أحزاب الفساد صار الآن بيد العراق والشعب فقط"، وصار واضحاً وبالدليل من هو الطرف الثالث الذي قتل المتظاهرين في تشرين وغيرها"، موضحا أن "الرأي العالمي فضلاً عن الداخلي أصبح يعرف عن قرب من هو مقتدى الصدر، وتدينه وحكمته، أما الخصوم فصاروا أوضح من الشمس تبعيتهم ومليشياويتهم، والمنصب عندهم أهم من العراق وشعبه"، منوها إلى أن تيار الصدر حصل على تكاتف ومساندة من طبقات المجتمع، خصوصاً الثوار، والتقاءهم بنقطة بخلاف الخصوم، مشيرا إلى قرب حدوث الانسلاخ والاختلاف والتفكك حتى من أقرب حلفائهم في إشارة إلى الإطار التنسيقي.