شكّلت فعاليات عيد الفطر السعيد التي أقامها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، علامة فارقة بعد أن تجاوز عدد الزوّار 85 ألف زائر خلال أيام العيد، إذ قدّم "إثراء" فعاليات مزجت بين الماضي والحاضر والمستقبل؛ لتنثر قوالب إبداعية أدهشت الزوّار عبر لوحات فنّية بمؤثرات بصرية وسمعية وأدائية بثّت معالم الفرح مستهدفة كافة الفئات العمرية، التي توافدت إلى "إثراء" من مناطق المملكة والدول المجاورة. كما نقلت الفعاليات الثرية الزائرين إلى عوالم مختلفة، بداية من "كورال العيد" والفرق الموسيقية التي التفت حول أقسام المبنى، وصولًا إلى "السيرك" الذي شهد تفاعل حضوري لافت رسم لوحة أدائية أدهشت المتابعين بحماس منقطع النظير، فيما منحت الفرصة للحاضرين بالتعمّق في عالم التراث بطابع معاصر عبر معرض "عيد وتهاويد"، الذي نقلهم إلى ذكريات الماضي، حيث لخّصت اللوحات الفنّية حكايات التراث التي ربطت بين أحجية الجدات وحنين الأمهات ولهفة الأطفال، وما بدى لافتًا اللوحات التي جمعت أغلفة الحلويات للفنانة غادة الربيع، إذ جمعت داخل لوحاتها طقوس العيد بأغلفة حلويات من زمن الأجداد بمحاولة منها لرسم طقوس العيد ببصمات فنّية إبداعية. كما أزاح معرض "عيد وتهاويد"، ستاره عن الأدوار التقليدية للمرأة والطفل؛ بهدف إعادة إحياء العادات الشعبية؛ ليكشف عن عُمق الشراكة بينهما عبر الأغاني الشعبية الودّية، إذ حاولت الفنانة آلاء الحاجي أن تروي قصة انتقال اللحن عبر الأجيال والأدوار المتغيرة بين الأمهات والجدات، وكيفية بثّ الفرحة للطفل خلال أيام العيد عبر تهويدة معينة تتناقلها الأجيال بينها؛ تجنبًا لاندثارها بوصفها عادات شعبية حيّة تختزل في ذاكرة المهتمين بها. وما استوقف الحضور أيضًا تنوّع الخيارات وتعدد الأدوار الذي قدّمها "إثراء" كمعايدة إلى جماهيره التي توافدت طيلة أيام العيد، فالفرصة متاحة لحضور "لحظة العيد"؛ لتستقبل من يبحث عن الشغف والمؤثر البصري إذ ارتسمت مشاهد في سماء "إثراء" تعجّ بالألوان من خلال عروض الليزر التي تميّزت بعمق التأثير البصري الحديث مع استحضار ثقافة العيد برسومات ازدان بها الهيكل الخارجي للمركز، حيث عبّرت عن العيد في الماضي بحلّة الحاضر. لم يترك "إثراء" زاوية إلا وحاول ملأها بالفرح بأسلوب هادف شيّق، فالمشاركات ثرية والتنوّع حاضرًا شاهدًا على التميّز والانفراد بما تم بثّه من فعاليات، فعربات العيد تجوب في حدائق "إثراء" في حين ألهم "كورال العيد" والفرق الموسيقية المشاركة، شغف الصغار والكبار الذين وجدوا ضالتهم بها، مستكملين مشوارهم لحضور أمسية غنائية للفنان أكرم المطر مع المايسترو خليفة زيمان، التي أضفت ألحان موسيقية وأجواء أطربت مسامع عشّاق الموسيقى والغناء. وعلى أنغام العيد وذكريات الماضي، شاركت البيوت الحرفية – إحدى مبادرات هيئة التراث- في فعاليات العيد داخل المركز، بهدف دعم الحرف اليدوية والمستفيدين من المبادرات التي تقدمها الهيئة، ويأتي ذلك استكمالًا لرسالة "إثراء" المتمثلة في دعم المواهب الوطنية والإبداعية، إلى جانب تفعيل الشراكات مع جهات حكومية وخاصة، والحفاظ على الحرف اليدوية وتطويرها عبر تعزيز وصقل المهارات الشبابية.