استعرضنا في المقال السابق بعض التحديات التي تواجه الأسرة في تربية الأبناء بسبب عصر التكنولوجيا وفي ظل هبوب رياح الشرق والغرب ومحاولاتهم المستمرة لاقتلاع الثوابت وتبديل القيم وتزيين الباطل لإحلال ثقافات مستوردة لاتتطابق مع عاداتنا وتقاليدنا وتتصادم وتعاليم ديننا الحنيف حيث لا صلة لنا بهذه الثقافات ولا يوجد عامل مشترك يجمعنا معهم عليها لذلك فإننا نعمل جاهدين على إكساب الأبناء مناعة أخلاقية تحميهم من آفات الانفتاح العشوائي على كافة ثقافات العالم المتنوعة وتضمن لهم السير في الاتجاه الصحيح في زمن الانفتاح وكثرة التقنيات بلا حدود وهذا يزيد من صعوبة التربية في ظل الانفجار المعرفي المذهل وتحول الجزء الأكبر والمؤثر في التربية التي كانت تعتمد على الأسرة والمسجد والمدرسة وتعتمد حاليا على مؤثرات جديدة وخطيرة تتجاوز الحدود المذكورة إلى بيئة جديدة ليس لها هوية محددة وتتخطى مفاهيم الاسرة والمسجد والمدرسة حيث لاضوابط تحكمها وصار لها الكلمة الأولى في توجيه المجتمعات وخاصة الشباب فمن الخطورة حجم تأثيرها المباشر في مستوى التدين والثقافة والسلوك والذوق العام وكل هذه المحاولات هدفها تغريب الأبناء على المدى المتوسط والبعيد عن مجتمعهم ووطنهم وعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم وثوابتهم الدينية ، وهذا التغريب إذا استمر ستكون له آثار وخيمة علينا فقد يؤدي إلى إخفاق العمل التربوي في مجتمعاتنا وبدء تفسخ الروابط بين الأجيال وعدم قدرة الوالدين على التفاهم مع أولادهم لذلك يجب أن نغير من موروثاتنا في العلاقة مع الأبناء ونتنازل عن الفوقية التي نعامل بها أبناءنا ونتعاون معهم جنبا إلى جنب لمواجهة كل هذه التحديات ومظاهر العولمة الثقافية والاجتماعية. لذلك فإن الانفتاح الواعي ينطلق من قيمنا ومبادئنا وأصالتنا ونستطيع الاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي الغربي مع محافظتنا على تلك القيم والمبادىء والأصالة التي تميزنا بها عن كافة الأمم ، وأمام كل هذه التحديات التي نواجهها فإننا بحاجة إلى تطبيق مفهوم التربية وأوجه صعوبتها وأن نقتدي بتعاليم وثوابت ديننا الحنيف. ان اهتمامنا بأبناءنا خاصة قبل السادسة من العمر له بالغ الأثر في في تفعيل الأثر التربوي للأبوين ، وتقنين استخدام وسائل الإعلام المختلفة داخل البيت للحفاظ على الهوية العربية الإسلامية لأولادنا وإبراز التاريخ الاسلامي الصحيح ، وأن نعود أبناءنا على الاختيار بأنفسهم لمنحهم الثقة بدلا من الأوامر التي تسلبهم حرية الاختيار وتحكيم العقل وإجراء مناقشات مثمرة معهم تنمي عقولهم وتدعم إحساسهم بالاستقلال في الرأي وأن من حق الابن أن ينقد كل شىء يدور حوله ويثير لديه الشك مادام ذلك يتم باحترام ومراعاة سلوك الحوار البناء ونزكي فيهم مبدأ التعلم من خلال حل المشكلات كأحد الوسائل التربوية التي نستخدمها لدعم تربية أبنائنا. وأختم مقالي بالتأكيد أنه ولله الحمد ورغم هذا الانفتاح الذي نراه من خلال وسائل الاتصال والثقافات الواردة عبر الفضائيات فهناك أغلبية كبيرة للغاية من طبقات مجتمعنا السعودي العظيم تمارس التربية الصحيحة في زمن الانفتاح وأن وعيها بما تعيشه زادها إصرارا في المضي قدما نحو التربية الصحيحة وغرس معاني المراقبة الذاتية فهي العاصم بإذن الله من العولمة وآثارها السلبية على المجتمعات المحافظة.