كانتْ تتكلّمُ بألمٍ وتتحدثُ بحرقةٍ.. لا تدري ماذا تفعل.. ولا تعرف أين تذهب.. تجدُ نفسها تدورُ في دائرةٍ مغلقةٍ.. لديها ابن أو بنت قدّر الله أن يكونا من ذوي الإعاقة العقلية.. تسمع كثيراً أن في الأنظمة حقوقاً لابنها وابنتها، وأن التشريعات التي وضعتها الدولةُ- وفقها الله- تضمّنتْ حقوقاً لمثل هذه الإعاقات.. لكنها لا تعرفُ كيف تصلُ إليها.. وكيف تسجلُ فيها.. وأين تذهبُ ومن أين تأتي. صحيحٌ أنه قد نشأتْ جمعياتٌ حملتْ أسماءَ هذه الإعاقات العقلية، لكنّ هذه الجمعيات تبناها أشخاصٌ وتقومُ على الصفةِ الخيريةِ والتطوّعية، لا تملكُ من المواردِ الماليةِ ما يمكنُها من مساعدةِ هؤلاءِ المعاقين وأسرهم.. ويغلب على عملها الجهد التوعوي التثقيفي، عدا بعض وساطات بذلتها شخصياتها الاعتبارية لتوفير مساكن للأسر محدودة الدخل عن طريق برامج وزارة الإسكان. أما هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة APD (وهي هيئة حكومية صدر بإنشائها قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 266 في 27 جمادى الأولى 1439ه الموافق 13 فبراير 2018)، فالظن أن أغلب أسر ذوي الاعاقة العقلية لا تعرفها ولا يصلها شيء من الرعاية التي تضمّنها اسم هذه الهيئة.. فاسمها يقول: (هيئة رعاية ذوي الإعاقة).. فما هي الرعاية التي تصل منها للشخص ذي الإعاقة العقلية؟. أما بعض موظفي الهيئة نفسها فما زالوا يُصِرُّون على أنها ما زالتْ في بداية تأسيسها على الرغم من أنها أكملت أربعة أعوام منذ صدور قرار مجلس الوزراء بإنشائها.. فهل أربعةُ أعوام غير كافية لتصل (الرعاية) إلى ذوي الإعاقة؟. إنّ لدى البعض إشكاليةً في فهم أن الإعاقة ليستْ جسديةً فقط، بل هناك إعاقاتٌ عقليةٌ أشدُّ وطأةً على صاحبها وعلى أسرته من الإعاقة الجسدية. فيا هيئة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة إنَّ من شاءتْ أقدارُ الله أن يُصابوا بخللٍ جيني أو خللٍ في كيميائية الدماغ ممن يدخلون في تصنيف (الإعاقات العقلية).. هم أشخاصٌ ذوو إعاقة.. وأقل ما يستحقونه بطاقة هوية تميّزهم ويكتب فيها بشكل واضح أنهم من ذوي الإعاقة وعلى كل من يقدم خدمة أن يمنحهم الأولوية.. كما أن من حقهم الحصولَ على بطاقةِ تسهيلاتٍ مروريةٍ.. والأسبوع الماضي عقدت هيئة APD على مدى يومين في فندق موڤنبيك بالرياض "معرضَ تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل" فهل لنا أن نسأل: كم عقدَ عملٍ وقعه ذوو الإعاقة خلال المعرض؟ أم الرقم سيظل طي الكتمان ؟.