أوجزنا من خلال المقالين السابقين الحديث عن جوهر الحب في العلاقات الإنسانية، واليوم نتابع أثر الحب في بناء الأسرة والمجتمع السليم القوي ، كعلاج ناجع لكثير من معضلاتنا النفسية والصحية والاجتماعية وبث الروح العالية بين الجميع في الأسرة الواحدة أو ميادين العمل المشترك وزيادة الإنتاجية وروح الطمأنينة في المجتمعات كأحد أهم أولويات النجاح. فالحياة بدون حب تبدو حياة مملة لا حياة فيها، كالجسد المصاب بالشلل، لا حراك فيه، والحب إذا رسخ في القلب والوجدان فإنه يصنع النجاح ولا يصنع الفشل، وأعتبره شخصياً هواء عذب نتنفسه، فلا حياة إلا بحب تشرق به الشمس، وأن المشاعر النبيلة تنمو وتترعرع بالحب الذي هو الفطرة التي خلقنا الله عليها ونجد ذلك واضحا جليا في الأسرة والتعامل السامي بين أفرادها ، وقد فطر الله الوالدين على محبة الأبناء، وجعلهم ثمرة الفؤاد وقرة العين، وهذه المحبة هي مصدر الأمن والاستواء النفسي للأبناء، كما أنها القاعدة الصلبة لبناء شخصيتهم على الاستقامة، والصلاح والتفاعل الإيجابي مع المجتمع من حولهم فهم هبة لنا من الله حيث يقول الله في محكم التنزيل « وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً» صدق الله العظيم والحب فيه علاج مؤكد لكثير من مشاكلنا النفسية والصحية والاجتماعية، وبإمكاننا بنظرة متعمقة للحياة أن نغيِّر مشاعرنا تجاه الآخرين، ونجعلها مشاعر حُبّ وصدق ووفاء وحُبّ للخير لكل الناس، وتمني السعادة لهم جميعاً، بل السعي من أجل تحقيقها؛ لأن النفوس الطيبة والقلوب السليمة ترى سعادتها في سعادة الآخرين، وهو ينعكس في راحة البال وراحة الضمير، وصفاء النفس، وحُسْن الظن، والثقة والطمأنينة، وحُسْن العلاقات مع الآخرين، والتسامح والتضحية وخدمة الآخرين، وهي قيم حث عليها الإسلام وكرسها، وأوصت بها السُّنة النبوية المطهَّرة. والابتسامة والتسامح والهدوء والراحة النفسية والإيثار والكلمة الطيبة ومساعدة الآخرين وإبداء النصح وحُبّ الخير والصدق في التعامل.. كلها من مظاهر الحب الصادق، وتصنع الفرح وتحقق الراحة النفسية وسلامة الدواخل لدى الآخرين، وهذا – بلا شك – فيه علاج لهمومهم، ومشاكلهم النفسية والصحية والاجتماعية. وفي الختام أدعو الله أن يمنحنا جميعا الحب الصادق وصفاء النفس ونقاء السريرة اللهم آمين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.