أصدر الزميل الكاتب والناقد حسين محمد بافقيه كتابه "ذاكرة الرواق وحلم المطبعة" عن دار المؤلف ببيروت، والكتاب الذي يقع في 422 صفحة يتحدث عن الثقافة الحديثة في مكةالمكرمة في الفترة ما بين 1101 إلى 1384ه، وهي الفترة التي تبنّى فيها عدد من الباحثين والمؤرخين المعاصرين مواقف منها، ووصفوها في نواحٍ مختلفة في العالم العربي بثقافة الانحطاط والتخلف، وراجت حولها تصورات وأحكام قيمة شكلت ما عبّر عنه بافقيه بمصطلح "العمى الثقافي" الذي حال دون وضوح الرؤية عن ثقافة تلك الفترة من تاريخ الثقافة العربية، وفي منطقة الحجاز ومكةالمكرمة على وجه خاص. والكتاب يدرس الظاهرة الثقافية في مكةالمكرمة بصفتها مظهرًا من مظاهر التنوع والتعدد الذي كان سمة من سمات مجتمعها الذي يعود إلى أصول متباينة جمع بينها المكان وثقافته التي بنيت على الدين فصارت مكةالمكرمة كما يذكر حسين بافقيه "هبة الدين". أقام بافقيه كتابه على أربعة عشر فصلاً جاءت في شكل مباحث مختلفة، يتخللها عدد من الموضوعات التي درست واقع الثقافة في مكةالمكرمة في ثلاثة قرون، واعتمدت الدراسة على عدد كبير من المصادر والمراجع في التاريخ والتراجم وكتب الفهارس والإجازات والمشيخات، فضلاً عن قائمة متنوعة من كتب الأدب والفكر والتصوف مابين مخطوط ومطبوع، وعكست قائمة المصادر معرفة وثيقة بالموضوع الذي اشتغل عليه بافقيه. وكتاب "ذاكرة الرواق وحلم المطبعة" إضافة حقيقية لدراسة حركة الثقافة والفكر في مكةالمكرمة في القرون الثلاثة الأخيرة، وفيه أعاد بافقيه الاعتبار لتاريخ تلك الفترة التي درسها بموضوعية الباحث الجادّ، وعبّر الكتاب عن رؤية لا تخضع للاعتبارات الإيديولوجية التي تعيق رؤية العصر العثماني المتأخِّر، واستطاع عبر القراءة المتأنية بحث المكوِّنات التي قامت عليها الثقافة في مكةالمكرمة بوصفها أنموذجًا للمدينة العربية الإسلامية ذات التاريخ المستمر، وتجاورت في كتابه الثقافة القديمة مع الثقافة الحديثة، كما عبرت عن ذلك فصول الكتاب، التي درست أصل الثقافة المكية وفصلها، والبحر والجداول، وحدث المطبعة، والدستور العثماني ومولد الحجاز الحديث، ومعنى الدولة، وفجر الثقافة الحديثة، ومدينة الفقهاء، وصناعة التأليف ووحدة العالم الإسلامي، والعصر العثماني.. قافلة من الشعراء، وسماء الشعر في مكة، ومولد النخبة الحديثة، ومكة الحديثة، ورسالة مكةالمكرمة.