منذ نحو قرن من الزمان عرفت المملكة تحلية المياه المالحة ، وتحديدا عام 1928 عندما تم إنشاء وحدتي تكثيف لتقطير مياه البحر الأحمر لإمداد مدينة جدة بالمزيد من مياه الشرب، ثم أنشئت المراحل الأولى للتحلية في محافظتي الوجه وضباء ثم في محافظة جدة ، ليتواصل التوسع والتطور بعد صدور المرسوم الملكي بإنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة عام 1974. واليوم تتصدر المملكة العالم في إنتاج المياه المحلاة بنحو 23 % ، بخبرات عريقة وإمكانات رائدة في هذه الصناعة لتوفير "سر الحياة" في أنحاء الوطن والاستدامة عبر نحو 33 محطة تحلية موزعةٍ على الساحلين الشرقي والغربي وتحقيق الأمن المائي لكافة المناطق. هذه المكتسبات وقيمتها الكبيرة من الخبرات المتراكمة وأصول التحلية القائمة ذات التقنيات الحديثة ، تحظى بحرص كبير من الدولة على تعظيم استثمارها ، حيث أقرت اللجنة الإشرافية لتخصيص قطاع البيئة والمياه والزراعة إلغاء طرح محطة التحلية والطاقة الكهربائية برأس الخير، والتحضير للإعلان قريباً عن التوجهات والطموحات الجديدة بعد الانتهاء من الترتيبات والحصول على الموافقات النظامية اللازمة.وبحسب الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للتخصيص، المهندس ريان نقادي، فإن سبب إلغاء تخصيص محطة التحلية برأس الخير جاء بضغط من تداعيات جائحة كورونا على الظروف الاقتصادية المحيطة بهذه الصفقة ، فيما تستمر مشاريع التخصيص لبقية القطاعات في السعودية ومن بينها قطاع التعليم على سبيل المثال. فمحطة رأس الخير إحدى أكبر محطات تحلية المياه المحلاة عالمياً بقدرة إنتاجية فائقة تتمثل في إنتاج 1.05 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً و2.65 جيجاواط من الطاقة الكهربائية. هذه الأرقام الكبيرة تعكس حجم التكلفة التي أنفقتها الدولة لأجل الأهداف الأكبر في تعزيز الاستدامة لهذه النعم لجودة الحياة ، وما يعكسه ذلك من ترسيخ ريادة المملكة في هذه الصناعة بشقيها المائي والكهربائي ، وقد سبق وأعلنت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة قبل عام وتحديدا في يوليو من العام الماضي ، أنها حصلت على اهتمام ورغبة 37 من الشركات والتحالفات الاستثمارية الاستراتيجية والمالية العالمية والإقليمية لأعمال تخصيص محطة التحلية والطاقة الكهربائية برأس الخير ، كأول مجموعة إنتاج لمشاركة القطاع الخاص كجزء من أعمال تخصيص أصول الإنتاج في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، التي تشرف عليها اللجنة الإشرافية لتخصيص قطاع المياه في المملكة ، مما يؤكد القيمة الكبيرة لمشروعات الدولة وما حققته من نجاحات فائقة المستوى في حجمها والخبرات المتراكمة لعقود طويلة في إدارتها وتشغيلها وصيانتها. من هنا ثمنت اللجنة الإشرافية لتخصيص قطاع البيئة والمياه والزراعة ، الاهتمام والمشاركة من قبل الشركات والتحالفات المحلية والعالمية في أعمال طرح محطة التحلية والطاقة الكهربائية برأس الخير، مؤكدة على عدة جوانب مهمة هي: – استمرار طرح مشاريع وفرص جديدة في قطاع البيئة والمياه والزراعة ضمن منظومة التخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص ، توفر فرصا مميزة للمستثمرين تعكس الحرص على مشاركة القطاع الخاص وتعزيز دوره في التنمية المستدامة التي تمثل ركيزة أساسية في مستهدفات رية 2030 ، عبر إتاحة العديد من المشروعات الحكومية الناجحة للتخصيص ووفق دراسات دقيقة وتأهيل لقدراته. – تأكيد المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة استمرارها في أعمال إدارة وتشغيل وصيانة المحطة والالتزام بتزويد العملاء بالمياه المحلاة والطاقة الكهربائية المولدة من المحطة دون تغيير أو تأخير تماشياً مع توجهات رؤية المملكة في تحقيق الأمن المائي بالمملكة، وتقديم الخدمة بمستوى عالي من الجودة والكفاءة العالية. – تحسين جودة صناعة تحلية المياه في المملكة ، والتحضير للتوجهات والطموحات الجديدة المنتظرة بشأن هذه القطاع الاستراتيجي الذي يعد من أهم الركائز الاقتصادية والاجتماعية في توفير خدمات أساسية ومتكاملة لاحتياجات المياه العذبة المحلاة.