عندما انظر الى هذا الكائن العجيب اتفكر في قدرة الخالق عز وجل فهذا الكائن الصغير الذي يحتوي بداخله على معمل متكامل للدم من لحظة امتصاصه واتذكر قوله تعالى : " إن الله لا يستحي ان يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحقُ من ربهم وأمّا الذين كفروا فيقولون ماذا اراد الله بهذا مثلاً ٭يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين " آية 26 من سورة البقرة . ان اغرب ما في هذا كله ان العلم الحديث اكتشف ان فوق ظهر البعوضة تعيش حشرة صغيرة جداً لا ترى الا بالعين المجهرية وهناك صور في الانترنت تظهر شكل الحشرة بعد تكبير صورة البعوضة وهذا هو مصداق لقوله تعالى : " إن الله لا يستحي ان يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها "..فالذي فوقها هي الحشرة المذكورة ..كما اثبت العلم الحديث ان تلك البعوضة كانت سبباً في زوال بعض الدول والحضارات وتحطيم احلام العديد من الشعوب في التقدم وعطلت كثيرا من المشروعات الكبرى . فقد كشفت الدراسات الحديثة كما يقول الدكتور الخمساوي الاستاذ بجامعة الازهر ان البعوضة تسبب في 300 مليون حالة ملاريا سنويا بمعدل عشر سكان الارض وان نوعا منها يسبب مرض الملاريا الذي يصيب نحو 250 مليونا بينما ينقل بعض انواعها نحو 150 نوعا من الحمى كما تسببت البعوضة في ايقاف مشروع شق قناة بنما التي عزمت امريكا على شقها وامريكا على قوتها تستطيع مواجهة العالم ولم تستطع مواجهة بعوضة فالبعوض صورة للاعجاز في الخلق مع ضآلتها حتى ان وزنها لا يزيد عن ملليجرام واحد غير انها تحتوي على جميع الاجهزة الحيوية التي توجد في جسم الانسان ...و انا اشعر في هذا الوقت ان من الجدير بالذكر تنبيه انفسنا بالخطر القادم على جناح البعوض الذي جاء يزورنا في جدة خصوصاً في هذا الموسم واكثر من اي وقت مضى ..صحيح اننا في جدة نرحب بجميع الزائرين الينا ولكن بعض المزعجين نعتذر عن قبول ضيافتهم ..من اولئك المزعجين هذا الناموس المنتشر في ارجاء مدينتنا الحبيبة . لقد لاحظت اثناء تنقلي بين مستشفيات جدة بحكم مجال التدريب الذي اقوم به وجدت ان المرضى في تزايد مستمر وان خطر حمى الضنك في تفاقم ..صدقوني ان الامر جد خطير وشر المرض مستطير ..لذا علينا ان نتعاون كسكان وكجيران وكأسر لمكافحة المرض منذ البداية لانه لو عاود الظهور مرة اخرى فإنه سيؤدي الى الموت لا سمح الله . سأذكر لكم قصة عن هذا المرض اطلعت عليها واود ان تشاركوني في التأمل فيها لاخذ العبرة ..يذكر ان مرض حمى الضنك والتي تسمى بحمى العظم المكسور قد هاجمت كوبا سنة 1981م، حيث راح ضحيتها مئات المرضى، ولما دقق الاطباء في الامر تبين لهم ان وباء 1981م القاتل والذي تسبب به فيروس الضنك نوع Dengue 2 ، كان قد سبقه وباء خفيف لفيروس dengue 1، في عام 1977م . لذا دعونا نحارب هذا البعوض منذ الآن لكيلا نقع في شر العواقب اذا ما هاجمنا مرة اخرى ..تقول مصادر اخرى ان الشخص المصاب بحمى الضنك النوع الأول ستكون حياته في خطر اكثر من اي شخص اخر لم يصب اذا تعرض لحمى الضنك النوع الثاني ..وحاليا هناك العديد من الحالات المصابة بحمى الضنك يتم تنويمها والعمل على معالجتها في المستشفيات الحكومية والخاصة بجدة وعندما سألت اسر المرضى عن مكان اقامتهم وجدت منهم من يقيم في شمال جدة ومنهم من يقيم في جنوبها وشرقها وغربها ..ذلك يعني ان البعوض ليس محصوراً في منطقة دون الأخرى . وقفة شكر وتقدير لقد لاحظت ان امانة جدة تعمل جاهدة على البحث عن اماكن تجمع البعوض والحرص على ابادتها فهلا تكاتفت جهود سكان جدة مع الامانة للتخلص من الناموس لنحيا حياة صحية مبتسمين دون عبوس ..ودمتم سالمين حنان محمد الغامدي - جدة