ليست ترفاً أو مسألة ثانوية، بل هي الأهم في مصائر الأمم والشعوب بحسبان أن المواطن هو أغلى مورد في الدولة ، حيث تتفق معظم الدول بل وتضع في صدارة أنظمتها الأساسية أهمية صحة مواطنيها وتوفير كل المستلزمات المطلوبة لتوفير حياة صحية سليمة لهم، فالاهتمام بالمواطن ورعايته صحياً للارتقاء به هو ارتقاء للوطن ورفعته وازدهاره، لذا فإن الصحة تعد أهم الجوانب التي يجب على الدول إعطاءها مزيداً من الاهتمام والأولوية من خلال توفير كافة الاعتمادات المالية للنهوض بها وتطوير المستشفيات والمراكز الصحية لتكون قادرة على تقديم رعاية صحية تليق بالمواطنين، بل حتى المقيمين. إن الاتفاقية الدولية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESER) تنص على منح كافة البشر الاستحقاقات الأساسية لتلبية حاجاتهم كالحق في العمل والحياة الأسرية والتعليم وغيرها، بجانب حق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والنفسية، ذلك أن تمتع الفرد بالصحة الجيدة هو أمر ضروري لمعافاته وتوفير القيمة الجوهرية لحياته بحيث يحقق كافة طموحاته وتطلعاته فيها، بل ولتحقيق مجموعة من الحقوق الإنسانية والمدنية، فصحة المواطن أو الفرد ضرورية لبناء وتقدم المجتمعات وبدونها يستحيل تحقيق البناء والتنمية والازدهار الاقتصادي الذي تهدف إليه كل المجتمعات. وفي هذا الإطار فإن هنالك حزمة من المقترحات للنهوض بصحة المواطن، وعلى رأسها زيادة الوعي وتثقيف أفراد المجتمع بأهمية إجراء تغييرات إيجابية على نمط الحياة الصحية، وضرورة الكشف المبكر على العوامل والعادات المرتبطة بأمراض القلب والشرايين والسكري وغيرها من الأمراض المزمنة، كالتدخين وسوء التغذية وقلة النشاط البدني والإجهاد، وتشجيع أفراد المجتمع على ممارسة النشاط الرياضي وتبني أنماط حياة صحية بسيطة في حياتهم اليومية، بجانب تشجيع الحملات لتعزيز الثقافة الصحية لدى المجتمع، فضلاً عن المسؤولية الاجتماعية في هذا الإطار لمؤسسات المجتمع المدني من خلال القيام بحملات توعية بالثقافة الصحية، وعلى سبيل المثال يمكن للجامعات أن تركز في مواد البحث على أهمية التغيرات الإيجابية على نمط الحياة الصحية، كما أنه من المهم ربط الجهات الحكومية بالنوادي الصحية عبر اتفاقيات بينهم توفر هذا النوع من الخدمات بأسعار في متناول الجميع، كما أن هنالك أدوارا منوطة بمراكز الأحياء لتقوم بحملات توعية بالثقافة الصحية، كذلك يمكن للمساجد أن تتناول أهمية الحفاظ على الصحة في خطبها ودروسها الدينية. وفي هذا السياق ينبغي الإشارة إلى جهود المملكة الكبيرة التي اتبعتها في معالجة جائحة كورونا، فقد حرصت القيادة حفظها الله على سلامة صحة المواطنين والمقيمين والزوار من هذه الجائحة العالمية، وأدارت الأزمة بكل حنكة واقتدار وسبقت بذلك دول كبرى سواء في مجال الالتزام بالاحتياطات الاحترازية أو تقديم الرعاية الصحية للمصابين مما كان له أبلغ الأثر في التحكم في هذه الجائحة وتراجعها بشكل واضح وملموس. باحثة وكاتبة سعودية