تأكيداً للتقارير التي تحدثت عن خشية تركيا الدخول في حرب مع مصر، أعلنت الرئاسة التركية أنها اتفقت مع روسيا حول تشكيل لجنة مشتركة للعمل على وقف إطلاق النار في ليبيا، ما يعد تراجعاً عن لهجتها التصعيدية السابقة، وسط الدعوات الدولية المتسارعة من أجل وقف إطلاق النار في ليبيا. وجاءت تصريحات مستشار الرئيس التركي، إبراهيم كالين، خلال مؤتمر حول ليبيا أمس (الخميس) في بروكسل، لتؤكد مدى رعب أنقرة من مواجهة القاهرة عسكرياً، عندما قال إن بلاده لا تريد حرباً مع مصر أو أي بلد آخر، على الرغم من تأكيدها أمس الأول أنها مستمرة في دعم فصائل حكومة الوفاق عسكرياً ضد الجيش الليبي، إذ أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، في وقت لاحق أمس، بأن دفعة جديدة من الموالين لتركيا تضم مئات المقاتلين وصلت الأراضي الليبية، ما رفع عدد المرتزقة إلى 16500 حتى الآن. من جهته، أعلن الجيش الليبي أمس نشر منظومة صواريخ دفاعية في سرت والجفرة، بينما جددت قبائل ليبيا استعدادها للدفاع عن البلاد بوجه الأطماع التركية، وأكد رئيس المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان القبائل في ليبيا، صالح الفاندي، ونائبه بالمجلس الشيخ السنوسي الحليق، وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، رفض المجلس للتدخلات التركية في ليبيا ودعمها قوات حكومة الوفاق بالمرتزقة السوريين. وشددا على وقوف الشعب الليبي إلى جانب الجيش الوطني أمام الأطماع التركية. وقال الفاندي، إنهم سيدافعون عن ليبيا بكل قوة، ولديهم مليون مواطن جاهزون ومدربون على حمل السلاح يمكن الدفع بهم إلى ساحة القتال، بينما أكد الحليق أن الشعب وقبائله يدعمون الجيشين الليبي والمصري للدفاع عن ليبيا والوقوف أمام أطماع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في ثروات ليبيا، مبيناً أن الليبيين لا يدعون للحرب، لكن إذا أجبروا على القتال فإنهم لن يتوانوا في الدفاع عن وطنهم بكل ما يملكون من قوة. وفي السياق ذاته، اعتبرت فرنسا أنه من الخطأ الجسيم ترك أمن المتوسط بيد أنقرة. وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره القبرصي نيكوس أناستسيادس في قصر الإيليزيه، أمس: "يجب معاقبة منتهكي المجال البحري في شرق المتوسط"، في إشارة لتركيا، منتقداً الدور التركي المخرب في ليبيا، ودعا إلى فرض عقوبات على من يتدخلون في الشأن الليبي ويؤججون الصراع. إلى ذلك، أكد عضو مجلس النواب الليبي الدكتور علي التكبالي، صعوبة المشهد الليبي الذي أصبح معقدا خاصة بعد تدخل تركيا والمرتزقة الذين أتت بهم من سوريا ومن كل مكان في العالم ليتجاوز عددهم 20 ألفا لمهاجمة الليبيين وسرقة ثرواتهم وحقول النفط، وذلك لمعالجة أزمة تركيا الاقتصادية الخانقة التي ستطيح بأردوغان قريبا. ويرى التكبالي في عملية نقل المرتزقة إلى ليبيا تعزيزا لعودة الدواعش إلى صبراتة، مشيراً إلى أن خروج الأتراك والمرتزقة يشكل بداية لحل الأزمة الليبية. وأضاف "رغم قبولنا بمخرجات برلين وفي المبادرة المصرية، وأبدينا رغبتنا في الجلوس على طاولة المفاوضات، إلا أن العدو التركي لا يريد سلاما في المنطقة، بل هو يريد أن يحقق طموحاته على حساب العالم العربي ويصر على الحرب، وهنا لا مجال أمام أطماع أردوغان إلا مواجهته ودحره من أجل مصلحة الليبيين". وشدد على أن الجيش الليبي يخوض معركة مصيرية ضد الاستعمار التركي، وأن استعداد الجيش المصري لردع الغزو التركي وصده عن ليبيا يأتي دفاعا عن الأمن القومي المشترك بين مصر وليبيا، وأن التدخل العسكري المصري سيكون في حال اجتاز الأتراك الخط الأحمر الذي تم تحديده ودخولهم إلى الهلال النفطي لسرقة نفط ليبيا. واعتبر الجهود الروسية التي تحاول التوصل إلى وقف لإطلاق النار بالناقصة، كون الليبيين يريدون خروج الأتراك وكل المرتزقة حتى يجلس الليبيون إلى طاولة المفاوضات، مؤكداً أن الليبيين ليسوا بحاجة إلى مبادرات جديدة فهناك مخرجات برلين ومبادرة القاهرة التي تعد أساسا لبدء عملية سياسية جادة. ولفت إلى أن هدف الجماعات المتطرفة وتركيا هو زعزعة الأمن في ليبيا وخلق فوضى تسمح لهم في التصرف بالأموال والمقدرات الليبية لتحقيق أحلام أردوغان في احتلال ليبيا والتي باتت تشكل خطرا على دول الجوار وشمال أفريقيا.