استمرت المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والجيش اللبناني في طرابلس إلى الساعات الأولى من أمس (الأربعاء)، وتحولت شوارع المدينة الرئيسية والأحياء الداخلية إلى حلبة صراع وساحة للكر والفر والفوضى، مع امتداد الاحتجاجات إلى مناطق عدة منها بيروت وصيدا، بينما توالت الدعوات إلى اعتصام في مدينة طرابلساللبنانية، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وانهيار الليرة وفشل إدارة حكومة حسان دياب الموصوفة بأنها "حكومة حزب الله"، ذراع إيران في لبنان. وأعلن الجيش اللبناني إصابة 81 عسكريا خلال تنفيذ مهمات حفظ الأمن أثناء الاحتجاجات الشعبية المطلبية في مختلف الأراضي اللبنانية وتوقيف 20 شخصا، مجددا التأكيد على ضرورة الحفاظ على سلمية التظاهر. ورمى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بمسؤولية الفشل الاقتصادي الذي تسبب في التظاهرات، على حكومة "حزب الله، وقال: "هناك من يحاول تضليل الرأي العام عبر معلومات خاطئة. السيولة القابلة للاستخدام 20.9 مليار دولار، والأرباح التي حققها البنك المركزي تم تحويلها إلى الحكومة. لقد أجرينا هندسة مالية لكسب الوقت وإجراء الإصلاحات، ولكن إذا أخفقت الحكومة في تنفيذ الإصلاحات فتلك ليست مسؤولية البنك المركزي". من جهته، أكد وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني السابق رشيد درباس أن تجدد حالة الغضب وعودة الاحتجاجات في شوارع لبنان رغم قرار الحجر والتباعد الاجتماعي، يأتي بعدما ضاق الشعب اللبناني ذرعا من تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، ومن الطبقة السياسية الحاكمة، فنادى بالموت غضبا عوضا عن الموت جوعا وقهرا، مبينا أن لبنان بات أمام كارثة غير مسبوقة في ظل عجز حكومة "حزب الله" المرتبكة والعاجزة عن وقف الانهيار الاقتصادي والصحي، واستمرار أداء الحكومة السياسي المتردي، وقرصنة الدولة اللبنانية ونهبها لأموال المودعين. وحمل درباس مسؤولية ما يجري لمن أتى بحكومة دياب، لأن هذه الحكومة التي أُلبست قناع الاختصاص والتكنوقراط أثبتت أن الكفاءة المطلوبة ليست متوفرة فيها، فحتى الآن لم يلمس الشعب اللبناني من هذه الحكومة الهاربة إلى الأمام سياسة واضحة لخدمة لبنان، كون الأطراف التي أتت بها لا تستطيع الاتفاق على سياسة محددة فالإملاءات تأتيها من الخارج، بدءا من ابتلاع إيداعات المواطنين في البنوك عبر عملية استدراج وإغراء بفوائد عالية وهي مستنكرة ومدانة، وبعد فترة وجيزة الإعلان عن تبخرها. ولفت إلى أن النية مبيتة مسبقا في هذا الاستدراج لسلب أموال المواطنين كما سلب القرار السياسي، وأن التفكير السياسي الخاطئ والاستئثار بالحكم من قبل فريق واحد يسيطر على الحكومة، يضاف إلى ذلك الخلافات الداخلية داخل الحكومة نفسها، ينذر بانفجار داخلي قريب في حكومة دياب المتخبطة، معتبرا أن عدم توحد المعارضة له أثر سالب فيما يحدث. وقال إن الأوضاع الاقتصادية والصحية المأزومة أجبرت الشعب على الانتفاض مجددا وبقوة، فلا نهاية للنفق المظلم ولا ضوءا يشير إلى قرب الحل، خاصة أن لبنان يعيش حالة عزلة عربية ودولية شبه كاملة، وأن المعضلة الاقتصادية الكبرى لن تحل إلا بإجراء سياسي كبير، منوها إلى أن الفساد سائد منذ سنوات، بسبب السياسة العقيمة وعدم المحاسبة، ما أدخل البلد في مشاكل اقتصادية كبيرة. ويرى الوزير السابق أن الحل السياسي سيكون بخروج لبنان نهائيا من سياسة المحاور، وضرورة النأي بالنفس عن كل الصراعات، والإسراع في ترميم العلاقات مع الدول العربية الشقيقة ومع بقية دول العالم الداعمة للبنان، مؤكدا أن التمادي في سياسة المحاور وجعل لبنان منصة لإيران للتهجم على الدول العربية الشقيقة، والتدخل في شؤونها لن يجدي نفعا، لذلك لابد من عودة لبنان إلى الحضن العربي، وتراجع "حزب الله" عن تمسكه بالهيمنة والسيطرة وإعادة الحسابات لتغلبة المصلحة الوطنية.